فلما قالوا له ذلك سأل الله شمويل أن يبعث لهم ملكاً. فقال الله له : انظر القرن الذي فيه الدهن في بيتك، فإذا دخل عليك رجل فنش الدهن الذي في القرن - فهو ملك بني إسرائيل - فادهن رأسه منه وملكه عليهم، فأقام ينتظر متى ذلك الرجل داخلاً عليه، وكان طالوت رجلاً دبَّاغاً يعمل الأدم، وكان من سبط بنيامين بن يعقوب، وكان سبط بنيامين سبطاً لم يكن فيهم نبوة ولا ملك، فخرج طالوت في ابتغاء دابة له أضلته ومعه غلام، فمرا ببيت النبي عليه السلام فقال غلام طالوت لطالوت : لو دخلت بنا على هذا النبي فسألناه عن أمر دابتنا فيرشدنا ويدعو لنا فيها بخير. فقال طالوت : ما بما قلت من بأس فدخلا عليه، فبينما هما عنده يذكران له شأن دابتهما ويسألانه أن يدعو لهما فيها إذ نش الدهن الذي في القرن، فقام النبي عليه السلام فأخذه، ثم قال لطالوت : قرب رأسك فقربه، فدهنه منه ثم قال : أنت ملك بني إسرائيل الذي أمرني الله أن أملكك عليهم، وكان اسم طالوت بالسريانية شاول بن قيس بن أشال بن ضرار بن يحرب بن أفيح بن أنس بن يامين بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم، فجلس عنده وقال : الناس ملك طالوت.
فأتت عظماء بني إسرائيل نبيهم فقالوا له : ما شأن طالوت تملك علينا وليس من بيت النبوة ولا المملكة، قد عرفت أن النبوة والملك في آل لاوي وآل يهوذا؟! فقال لهم ﴿ إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من وجه آخر عن وهب بن منبه قال : قالت بنو إسرائيل لشمويل : ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله قال : قد كفاكم الله القتال. قالوا : إنا نتخوف من حولنا فيكون لنا ملك نفزع إليه، فأوحى الله إلى شمويل : أن ابعث لهم طالوت ملكاً، وادهنه بدهن القدس. وضلت حمر لأبي طالوت فأرسله وغلاماً له يطلبانها، فجاؤوا إلى شمويل يسألونه عنها فقال : إن الله قد بعثك ملكاً على بني إسرائيل. قال : أنا؟! قال : نعم. قال : وما علمت أن سبطي ادنى أسباط بني إسرائيل؟ قال : بلى. قال : فبأي آية؟ قال : بآية أن ترجع وقد وجد أبوك حمره، فدهنه بدهن القدس فقال لبني إسرائيل ﴿ إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً قالوا أنى يكون له الملك... ﴾ الآية.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ﴿ إذ قالوا لنبي لهم ﴾ قال : شمؤل.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في الآية قال : هو يوشع بن نون.


الصفحة التالية
Icon