وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن مرة عن أبي عبيدة ﴿ إذ قالوا لنبي لهم ﴾ قال : هو الشمول ابن حنة بن العاقر.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : كانت بنو إسرائيل يقاتلون العمالقة، وكان ملك العمالقة جالوت، وأنهم ظهروا على بني إسرائيل فضربوا عليهم الجزية وأخذوا توراتهم، وكانت بنو إسرائيل يسألون الله أن يبعث لهم نبياً يقاتلون معه، وكان سبط النبوة قد هلكوا فلم يبق منهم إلا امرأة حبلى، فأخذوها فحبسوها في بيت رهبة أن تلد جارية فتبدله بغلام لما ترى من رغبة بني إسرائيل في ولدها، فجعلت تدعو الله أن يرزقها غلاماً، فولدت غلاماً فسمته شمعون.
فكبر الغلام فاسلمته يتعلم التوراة في بيت المقدس، وكفله شيخ من علمائهم وتبناه، فلما بلغ الغلام أن يبعثه الله نبياً أتاه جبريل والغلام نائم إلى جنب الشيخ، وكان لا يأتمن عليه أحداً غيره، فدعاه بلحن الشيخ يا شماؤل، فقام الغلام فزعاً إلى الشيخ فقال : يا أبتاه دعوتني؟ فكره الشيخ أن يقول لا فيفزع الغلام، فقال : يا بني ارجع فنم. فرجع فنام، ثم دعاه الثانية فأتاه الغلام أيضاً فقال : دعوتني؟ فقال : ارجع فنم فإن دعوتك الثالثة فلا تجبني.
فلما كانت الثالثة ظهر له جبريل فقال : اذهب إلى قومك فبلغهم رسالة ربك، فإن الله قد بعثك فيهم نبياً، فلما أتاهم كذبوه وقالوا : استعجلت بالنبوة ولم يأن لك، وقالوا : إن كنت صادقاً فابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله آية نبوتك. فقال لهم شمعون : عسى أن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا ﴿ قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله... ﴾ الآية. فدعا الله فأتي بعصا تكون على مقدار طول الرجل الذي يبعث فيهم ملكاً. فقال : إن صاحبكم يكون طوله طول هذه العصا. فقاسوا أنفسهم بها فلم يكونوا مثلها.
وكان طالوت رجلاً سقاء يسقي على حمار له، فضلّ حماره، فانطلق يطلبه في الطريق، فلما رأوه دعوه فقاسوه بها فكان مثلها. فقال لهم نبيهم ﴿ إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً ﴾ قال القوم : ما كنت قط أكذب منك الساعة، ونحن من سبط المملكة وليس هو من سبط المملكة، ولم يؤت سعة من المال فنتبعه لذلك. فقال النبي ﷺ ﴿ إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم ﴾ قالوا : فإن كنت صادقاً فأتنا بآية ان هذا ملك. قال ﴿ إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت... ﴾ [ البقرة : ٢٤٨ ] الآية. فأصبح التابوت وما فيه في دار طالوت، فآمنوا بنبوة شمعون وسلموا بملك طالوت.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة قال : كان طالوت سقاء يبيع الماء.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله ﴿ قالوا أنى يكون له الملك علينا ﴾ قال : لم يقولوا ذلك، إلا أنه كان في بني إسرائيل سبطان كان في أحدهما النبوة وفي الآخر الملك، فلا يبعث نبي إلا من كان من سبط النبوة، ولا يملك على الأرض أحد إلا من كان من سبط الملك، وأنه ابتعث طالوت حين ابتعثه وليس من أحد السبطين ﴿ قال إن الله اصطفاه ﴾ يعني اختاره عليكم.


الصفحة التالية