وأخرج ابن المنذر عن محمد بن يحيى بن حبان المازني من الأنصار « أن رجلاً من قومه أتى بصدقته يحملها إلى رسول الله ﷺ بأصناف من التمر معروفة من الجعرور واللينة والأيارخ والقضرة وآمعاء فارة وكل هذا لا خير فيه من تمر النخل، فردها الله ورسوله، وأنزل الله فيه ﴿ يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ﴾ إلى قوله ﴿ حميد ﴾ ».
وأخرج سفيان بن عيينة والفريابي عن مجاهد قال : كانوا يتصدقون بالحشف وشرار التمر، فنهوا عن ذلك وأمروا أن يتصدقوا بطيب قال : وفي ذلك نزلت ﴿ ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ﴾.
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن الحسن قال : كان الرجل يتصدق برذالة ما له، فنزلت ﴿ ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ﴾.
وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن عوف بن مالك قال « خرج رسول الله ﷺ ومعه عصا، فإذا اقناء معلقة في المسجد قنو منها حشف، فطعن في ذلك القنو وقال : ما يضر صاحبه لو تصدق بأطيب من هذه، إن صاحب هذه ليأكل الحشف يوم القيامة ».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ أنفقوا من طيبات ما كسبتم ﴾ يقول : تصدقوا من أطيب أموالكم وأنفسه ﴿ ولستم بآخذيه ﴾ قال : لو كان لكم على أحد حق فجاءكم بحق دون حقكم لم تأخذوه بحساب الجيد حتى تنقصوه فذلك قوله ﴿ إلا أن تغمضوا فيه ﴾ فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم؟ وحقي عليكم من أطيب أموالكم وأنفسه، وهو قوله ﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾ [ آل عمران : ٩٢ ].
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن مغفل في قوله ﴿ ولا تيمموا الخبيث ﴾ قال : كسب المسلم لا يكون خبيثاً ولكن لا تصدق بالحشف، والدرهم الزيف، وما لا خير فيه. وفي قوله ﴿ إلا أن تغمضوا فيه ﴾ قال : لا تجوزوا فيه.
وأخرج ابن ماجة وابن جرير وابن أبي حاتم عن البراء بن عازب ﴿ ولا تيمموا الخبيث ﴾ يقول : ولا تعمدوا للخبيث منه تنفقون، واعلموا أن الله غني عن صدقاتكم.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : اخبرني عن قوله ﴿ ولا تيمموا الخبيث ﴾ قال : لا تعمدوا إلى شر ثماركم وحروثكم فتعطوه في الصدقة، ولو أعطيتم ذلك لم تقبلوا. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت الأعشى وهو يقول :

يممت راحلتي أمام محمد أرجو فواضله وحسن نداه
و قال أيضاً :
تيممت قيسا وكم دونه من الأرض من مهمه ذي شرر
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن محمد بن سيرين قال : سألت عبيدة عن هذه الآية ﴿ ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ﴾ قال : إنما ذلك في الزكاة في الشيء الواجب، فأما في التطوّع فلا بأس بأن يتصدق الرجل بالدرهم الزيف هو خير من التمرة.


الصفحة التالية
Icon