وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير والطبراني والبيهقي في الشعب عن سعيد بن مرجانة. أنه بينما هو جالس مع عبد الله بن عمر تلا هذه الآية ﴿ وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه... ﴾ الآية. فقال : والله لئن آخذنا الله بهذا لنهلكن، ثم بكى حتى سمع نشيجه، قال ابن مرجانة : فقمت حتى أتيت ابن عباس فذكرت له ما قال ابن عمر وما فعل حين تلاها. فقال ابن عباس : يغفر الله لأبي عبد الرحمن، لعمري لقد وجد المسلمون منها حين أنزلت مثل ما وجد عبد الله بن عمر، فأنزل الله بعدها ﴿ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ] إلى آخر السورة قال ابن عباس : فكانت هذه الوسوسة مما لا طاقة للمسلمين بها، وصار الأمر إلى أن قضى الله أن للنفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت من القول والعمل.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير والنحاس في ناسخه والحاكم وصححه عن سالم أن أباه قرأ ﴿ وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ﴾ فدمعت عيناه، فبلغ صنيعه ابن عباس فقال : يرحم الله أبا عبد الرحمن لقد صنع أصحاب رسول الله ﷺ حين أنزلت، فنسختها الآية التي بعدها ﴿ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد عن نافع قال : لقلما أتى ابن عمر على هذه الآية إلا بكى ﴿ وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه ﴾ إلى آخر الآية. ويقول : إن هذا لاحصاء شديد.
وأخرج البخاري والبيهقي في الشعب عن مروان الأصغر عن رجل من أصحاب النبي ﷺ أحسبه ابن عمر ﴿ وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه ﴾ قال : نسختها الآية التي بعدها.
وأخرج عبد بن حميد والترمذي عن علي قال : لما نزلت هذه الآية ﴿ وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله... ﴾ الآية. أحزنتنا قلنا : أيحدث أحدنا نفسه فيحاسب به لا ندري ما يغفر منه ولا ما لا يغفر منه؟! فنزلت هذه الآية بعدها فنسختها ﴿ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ﴾.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير والطبراني عن ابن مسعود في الآية قال : كانت المحاسبة قبل أن تنزل ﴿ لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ﴾ فلما نزلت نسخت الآية التي كانت قبلها.


الصفحة التالية
Icon