وأخرج ابن جرير من طريق قتادة عن عائشة أم المؤمنين في الآية قال : نسختها ﴿ لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ﴾.
وأخرج سفيان وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن المنذر عن أبي هريرة « أن رسول الله ﷺ قال : إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم وتعمل به ».
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي قال « ما بعث الله من نبي ولا أرسل من رسول أنزل عليهم الكتاب إلا أنزل عليه هذه الآية ﴿ وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير ﴾ فكانت الأمم تأبى على أنبيائها ورسلها، ويقولون : نؤاخذ بما نحدث به أنفسنا ولم تعمله جوارحنا؟! فيكفرون ويضلون، فلما نزلت على النبي ﷺ اشتد على المسلمين ما اشتد على الأمم قبلهم، فقالوا : يا رسول الله أنؤاخذ بما نحدث به أنفسنا ولم تعمله جوارحنا؟ قال : نعم، فاسمعوا وأطيعوا واطلبوا إلى ربكم، فذلك قوله ﴿ آمن الرسول ﴾ [ البقرة : ٢٨٥ ] الآية. فوضع الله عنهم حديث النفس إلا ما عملت الجوارح، لها ما كسبت من خير وعليها ما اكتسبت من شر ﴿ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ] قال : فوضع عنهم الخطأ والنسيان ﴿ ربنا ولا تحمل علينا إصرا... ﴾ الآية. قال : فلم يكلفوا ما لم يطيقوا، ولم يحمل عليهم الإِصر الذي جعل على الأمم قبلهم، وعفا عنهم وغفر لهم ونصرهم ».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله ﴿ وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه ﴾ فذلك سرائرك وعلانيتك ﴿ يحاسبكم به الله ﴾ فإنها لم تنسخ، ولكن الله إذا جمع الخلائق يوم القيامة يقول : إني أخبركم بما أخفيتم في أنفسكم مما لم تطلع عليه ملائكتي، فأما المؤمنون فيخبرهم ويغفر لهم ما حدثوا به أنفسهم وهو قوله ﴿ يحاسبكم به الله ﴾ يقول : يخبركم، وأما أهل الشك والريب فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب وهو قوله ﴿ ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ﴾ [ البقرة : ٢٢٥ ].
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس عن مجاهد في قوله ﴿ وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه ﴾ قال : من اليقين والشك.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ وإن تبدو ما في أنفسكم أو تخفوه ﴾ فذلك سر عملك وعلانيته ﴿ يحاسبكم به الله ﴾ فما من عبد مؤمن يسر في نفسه خيراً ليعمل به فإن عمل به كتبت له عشر حسنات، وإن هو لم يقدر له أن يعمل كتب له به حسنة من أجل أنه مؤمن، والله رضي سر المؤمنين وعلانيتهم، وان كان سوءاً حدث به نفسه اطلع الله عليه أخبره الله به يوم تبلى السرائر، فإن هو لم يعمل به لم يؤاخذه الله به حتى يعمل به، فإن هو عمل به تجاوز الله عنه كما قال


الصفحة التالية
Icon