وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ الحق من ربك فلا تكن من الممترين ﴾ يعني فلا تكن في شك من عيسى، إنه كمثل آدم عبدالله ورسوله وكلمته.
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي قال :« قدم وفد نجران على رسول الله ﷺ فقالوا : حدثنا عن عيسى ابن مريم قال : رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم. قالوا : ينبغي لعيسى أن يكون فوق هذا. فأنزل الله ﴿ إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم... ﴾ الآية. قالوا : ما ينبغي لعيسى أن يكون مثل آدم. فأنزل الله ﴿ فمن حاجَّك فيه من بعد ما جاءك من العلم... ﴾ الآية ».
وأخرج ابن جرير عن عبدالله بن الحرث بن جزء الزبيدي « أنه سمع النبي ﷺ يقول : ليت بيني وبين أهل نجران حجاباً فلا أراهم ولا يروني، من شدة ما كانوا يمارون النبي ﷺ ».
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق سلمة بن عبد يشوع عن أبيه عن جده « أن رسول الله ﷺ كتب إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه » طس « سليمان. بسم الله إله إبراهيم وإسحق ويعقوب، من محمد رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران. إن أسلمتم فإني أحمد إليكم الله إله إبراهيم وإسحق ويعقوب. أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد، فإن أبيتم فالجزية، وإن أبيتم فقد آذنتكم بالحرب، والسلام. فلما قرأ الأسقف الكتاب فظع به وذعر ذعراً شديداً، فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له شرحبيل بن وداعة، فدفع إليه كتاب النبي ﷺ فقرأه فقال له الأسقف : ما رأيك... ؟ فقال شرحبيل : قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوّة، فما يؤمن أن يكون هذا الرجل! ليس لي في النبوّة رأي، لو كان رأي من أمر الدنيا أشرت عليك فيه وجهدت لك.
فبعث الأسقف إلى واحد بعد واحد من أهل نجران، فكلهم قال مثل قول شرحبيل، فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا شرحبيل بن وداعة، وعبدالله بن شرحبيل، وجبار بن فيض، فيأتونهم بخبر رسول الله ﷺ، فانطلق الوفد حتى أتوا رسول الله ﷺ فسألهم وسألوه، فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له : ما تقول في عيسى ابن مريم؟ فقال رسول الله ﷺ : ما عندي فيه شيء يومي هذا فأقيموا حتى أخبركم بما يقال لي في عيسى صبح الغد.


الصفحة التالية
Icon