وأخرج الحاكم عن ابن عبد الحكم. أن الشافعي ناظر محمد بن الحسن في ذلك، فاحتج عليه ابن الحسن بأن الحرث إنما يكون في الفرج، فقال له فيكون ما سوى الفرج محرماً، فالتزمه فقال : أرأيت لو وطئها بين ساقيها أو في أعكانها أفي ذلك حرث؟ قال : لا. قال : أفيحرم؟ قال : لا. قال : فكيف تحتج بما لا تقول به؟ قال الحاكم : لعل الشافعي كان يقول ذلك في القديم، وأما في الجديد فصرح بالتحريم.
ذكر القول الثالث في الآية
أخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن منيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه والضياء في المختارة عن زائدة بن عمير قال : سألت ابن عباس عن العزل فقال : إنكم قد أكثرتم، فإن كان قال فيه رسول الله ﷺ شيئاً فهو كما قال، وإن لم يكن قال فيه شيئاً قال : أنا أقول ﴿ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ﴾ فإن شئتم فاعزلوا، وإن شئتم فلا تفعلوا.
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة عن أبي ذراع قال : سألت ابن عمر عن قول الله ﴿ فأتوا حرثكم أنى شئتم ﴾ قال : إن شاء عزل، وإن شاء غير العزل.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن سعيد بن المسيب في قوله ﴿ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ﴾ قال : إن شئت فاعزل، وإن شئت فلا تعزل.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن جابر قال : كنا نعزل والقرآن ينزل، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ، فلم ينهنا عنه.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والبيهقي عن جابر « أن رجلاً أتى النبي ﷺ فقال : إن لي جارية وأنا أطوف عليها، وأنا أكره أن تحمل، فقال : اعزل عنها إن شئت فإنها سيأتيها ما قدر لها، فذهب الرجل فلم يلبث يسيراً، ثم جاء فقال : يا رسول الله إن الجارية قد حملت. فقال : قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها ».
وأخرج مالك وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن أبي سعيد قال « سئل النبي ﷺ عن العزل فقال : أو تفعلون... ؟ لا عليكم أن لا تفعلوا فإنما هو القدر، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة ».
وأخرج مسلم والبيهقي عن أبي سعيد قال « سئل رسول الله ﷺ عن العزل، فقال : ما من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء ».