أما سعمت قول عتبة الليثي :
نحسهم بالبيض حتى كأننا | نفلق منهم بالجماجم حنظلا |
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع ﴿ حتى إذا فشلتم ﴾ يقول : جبنتم عن عدوكم ﴿ وتنازعتم في الأمر ﴾ يقول اختلفتم وعصيتم ﴿ من بعد ما أراكم ما تحبون ﴾ وذلك يوم أُحُد قال لهم : إنكم ستظهرون فلا أعرِفَنَّ ما أصبتم من غنائمهم شيئاً حتى تفرغوا. فتركوا أمر النبي ﷺ وعصوا، ووقعوا في الغنائم، ونسوا عهدَه الذي عهده إليهم، وخافوا إلى غير ما أمرهم به فنصر عليهم عدوّهم من بعد ما أراهم فيهم ما يحبون.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن ابزى في قوله ﴿ حتى إذا فشلتم ﴾ قال : كان وضع خمسين رجلاً من أصحابه عليهم عبيد الله بن خوات، فجعلهم بإزاء خالد بن الوليد على خيل المشركين، فلما هزم رسول الله ﷺ الناس قال نصف أولئك : نذهب حتى نلحق بالناس ولا تفوتنا الغنائم، وقال بعضهم : قد عهد إلينا رسول الله ﷺ أن لا نريم حتى يحدث إلينا. فلما رأى خالد بن الوليد رقتهم حمل عليهم، فقاتلوا خالداً حتى ماتوا ربضة، فأنزل الله فيهم ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ إلى قوله ﴿ وعصيتم ﴾ فجعل أولئك الذين انصرفوا عصاة.
وأخرج ابن المنذر عن البراء بن عازب ﴿ من بعد ما أراكم ما تحبون ﴾ الغنائم، وهزيمة القوم.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ من بعد ما أراكم ما تحبون ﴾ قال : نصر الله المؤمنين على المشركين حتى ركب نساء المشركين على كل صعب وذلول، ثم أديل عليهم المشركون بعصيتهم للنبي ﷺ.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : إن نبي الله ﷺ أمر يوم أحد طائفة من المسلمين فقال : كونوا مسلحة للناس بمنزلة أمرهم أن يثبتوا بها، وأمرهم أن لا يبرحوا مكانهم حتى يأذن لهم. فلما لقي نبي الله ﷺ يوم أحد أبا سفيان ومن معه من المشركين، هزمهم نبي الله ﷺ، فلما رأى المسلحة أن الله هزم المشركين انطلق بعضهم يتنادون الغنية الغنيمة... لا تفتكم، وثبت بعضهم مكانهم وقالوا لا نريم موضعنا حتى يأذن لنا نبي الله ﷺ. ففي ذلك نزل ﴿ منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ﴾ فكان ابن مسعود يقول : ما شعرت أن أحداً من أصحاب النبي ﷺ كان يريد الدنيا وعرضها حتى كان يوم أحد.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن ابن عباس قال : لما هزم الله المشركين يوم أحد قال الرماة : أدركوا الناس ونبي الله ﷺ لا يسبقونا إلى الغنائم فتكون لهم دونكم.