تطاول هذا الليل تسري كواكبه... وأرقني أن لا ضجيع ألاعبه
فوالله لولا الله لا شيء غيره... لحرك من هذا السرير جوانبه
وبت ألاهي غير بدع ملعن... لطيف الحشا لا يحتويه مضاجعه
يلاعبني طوراً وطوراً كأنما... بدا قمراً في ظلمة الليل حاجبه
يسر به من كان يلهو بقربه... يعاتبني في حبه واعاتبه
ولكنني أخشى رقيبا موكلا... بأنفسنا لا يفتر الدهر كاتبه
ثم تنفست الصعداء، وقالت : أشكو عمر بن الخطاب وحشتي في بيتي، وغيبة زوجي علي، وقلة نفقتي. فلان لها عمر يرحمه الله، فلما أصبح بعث إليها بنفقة وكسوة، وكتب إلى عامله يسرح إليها زوجها.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال : سأل عمر ابنته حفصة كم تصبر المرأة عن الرجل؟ فقلت : ستة أشهر فقال : لا جرم، لا أحبس رجلاً أكثر من ستة أشهر.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن محمد بن معن قال : أتت امرأة إلى عمر بن الخطاب فقالت : يا أمير المؤمنين إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل، وأنا أكره أن أشكوه إليك وهو يقوم بطاعة الله. فقال لها : جزاك الله خيراً من مثنية على زوجها. فجعلت تكرر عليه القول وهو يكرر عليها الجواب، وكان كعب بن سوار الاسدي حاضراً فقال له : اقض يا أمير المؤمنين بينها وبين زوجها. فقال : وهل فيما ذكرت قضاء، فقال : إنها تشكو مباعدة زوجها لها عن فراشها وتطلب حقها في ذلك. فقال له عمر : أما لأن فهمت ذلك فاقض بينهما. فقال كعب : علي بزوجها، فأحضر فقال : إن امرأتك تشكوك. فقال : قصرت في شيء من نفقتها؟ قال : لا. فقالت المرأة :
يا أيها القاضي الحكيم برشده... ألهى خليلي عن فراشي مسجده
نهاره وليله ما يرقده... فلست في حكم النساء أحمده
زهده في مضجعي تعبده... فاقض القضا يا كعب لا تردده
فقال زوجها :
زهّدَني في فرشها وفي الحجل... إني امرؤ أزهد فيما قد نزل
في سورة النحل وفي السبع الطول... وفي كتاب الله تخويف جلل
فقال كعب :
إن خير القاضيين من عدل... وقضى بالحق جهرا وفصل
إن لها حقا عليك يا رجل... تصيبها في أربع لمن عقل
قضية من ربها تعالى... فاعطها ذاك ودع عنك العلل
ثم قال : إن الله قد أباح لك من النساء أربعاً، فلك ثلاثة أيام ولياليها تعبد فيها ربك، ولها يوم وليلة. فقال عمر : والله ما أدري من أي امريك أعجب. أمن فهمك أمرها أم من حكمك بينهما! اذهب فقد وليتك قضاء البصرة.


الصفحة التالية
Icon