فأنزل الله ﴿ وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ﴾ يقول : وهو لا يعلم أنه مؤمن ﴿ ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا ﴾ فيتركوا الدية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : إن عياش بن أبي ربيعة المخزومي كان حلف على الحارث بن يزيد مولى بني عامر بن لؤي ليقتلنه، وكان الحارث يومئذ مشركاً، وأسلم الحارث ولم يعلم به عياش، فلقيه بالمدينة فقتله، وكان قتله ذلك خطأ.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في سننه من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه « أن الحارث بن زيد كان شديداً على النبي ﷺ، فجاء وهو يريد الإسلام وعياش لا يشعر، فلقيه عياش بن أبي ربيعة فحمل عليه فقتله، فأنزل الله ﴿ وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ﴾.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : نزلت في رجل قتله أبو الدرداء، كانوا في سرية فعدل أبو الدرداء إلى شعب يريد حاجة له، فوجد رجلاً من القوم في غنم له، فحمل عليه السيف، فقال : لا إله إلا الله. فضربه، ثم جاء بغنمه إلى القوم، ثم وجد في نفسه شيئاً فأتى النبي ﷺ، فذكر ذلك له فقال له رسول الله ﷺ :» إلا شققت عن قلبه؟! فقال : ما عسيت أجد. هل هو يا رسول الله إلا دم أو ماء؟! فقال : فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه. قال : كيف بي يا رسول الله؟ قال : فكيف بلا إله إلا الله! قال : فكيف بي يا رسول الله؟ قال : فكيف بلا إله إلا الله حتى تمنيت أن يكون ذلك مبتدأ إسلامي. قال : ونزل القرآن ﴿ وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ﴾ حتى بلغ ﴿ إلا أن يصدقوا ﴾ قال : إلا أن يضعوها «.
وأخرج الروياني وابن منده وأبو نعيم معاً في المعرفة عن بكر بن حارثة الجهني قال :» كنت في سرية بعثها رسول الله ﷺ، فاقتتلنا نحن والمشركون، وحملت على رجل من المشركين فتعوذ مني بالإسلام فقتلته، فبلغ ذلك النبي ﷺ، فغضب وأقصاني، فاوحى الله إليه ﴿ وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ... ﴾ الآية. فرضي عني وأدناني «.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله ﴿ فتحرير رقبة مؤمنة ﴾ قال : يعني بالمؤمنة من قد عقل الإيمان وصام وصلى، وكل رقبة في القرآن لم تسم مؤمنة فإنه يجوز المولود فما فوقه ممن ليس به زمانة، وفي قوله ﴿ ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا ﴾ قال : عليه الدية مسلمة إلا أن يتصدق بها عليه.