وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كان قوم بمكة قد أسلموا، فلما هاجر رسول الله ﷺ كرهوا أن يهاجروا وخافوا، فأنزل الله ﴿ إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ﴾ إلى قوله ﴿ إلا المستضعفين ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : هم أناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله ﷺ بمكة، فلم يخرجوا معه إلى المدينة، وخرجوا مع مشركي قريش إلى بدر، فأصيبوا يوم بدر فيمن أصيب. فأنزل الله فيهم هذه الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : لما أسر العباس، وعقيل، ونوفل، قال رسول الله ﷺ :« افد نفسك وابن أخيك. قال : يا رسول الله ألم نصل قبلتك ونشهد شهادتك؟ قال : يا عباس إنكم خاصمتم فخصمتم ثم تلا عليه هذه الآية ﴿ ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً ﴾ » فيوم نزلت هذه الآية كان من أسلم ولم يهاجر فهو كافر حتى يهاجر ﴿ إلا المستضعفين ﴾ الذين ﴿ لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً ﴾ حيلة في المال، والسبيل الطريق. قال ابن عباس : كنت أنا منهم من الولدان.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : حدثت أن هذه الآية أنزلت في أناس تكلموا بالإسلام من أهل مكة، فخرجوا مع عدو الله أبي جهل، فقتلوا يوم بدر فاعتذروا بغير عذر، فأبى الله أن يقبل منهم، وقوله ﴿ إلا المستضعفين ﴾ قال : أناس من أهل مكة عذرهم الله فاستثناهم. قال : وكان ابن عباس يقول : كنت أنا وأمي من الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية : نزلت هذه الآية فيمن قتل يوم بدر من الضعفاء، في كفار قريش.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال « لما بعث النبي ﷺ وظهروا ونبع الإيمان نبع النفاق معه فأتى إلى رسول الله ﷺ رجال فقالوا : يا رسول الله لولا أنا نخاف هؤلاء القوم يعذبونا، ويفعلون ويفعلون لأسلمنا، ولكنا نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فكانوا يقولون ذلك له، فلما كان يوم بدر قام المشركون فقالوا : لا يتخلف عنا أحد إلا هدمنا داره، واستبحنا ماله. فخرج أولئك الذين كانوا يقولون ذلك القول للنبي ﷺ معهم، فقتلت طائفة منهم وأسرت طائفة، قال : فأما الذين قتلوا فهم الذين قال الله ﴿ إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ﴾ الآية كلها ﴿ ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ﴾ وتتركوا هؤلاء الذين يستضعفونكم ﴿ أولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً ﴾ ثم عذر الله أهل الصدق فقال ﴿ إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً ﴾ يتوجهون له لو خرجوا لهلكوا ﴿ فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم ﴾ اقامتهم بين ظهري المشركين.


الصفحة التالية
Icon