﴿ ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين... ﴾ [ النساء : ١١٥ ] الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال :« إن نفراً من الأنصار غزوا مع النبي ﷺ في بعض غزواته، فسرقت درع لأحدهم، فأظن بها رجلاً من الأنصار، فأتى صاحب الدرع رسول الله ﷺ فقال : إن طعمة بن أبيرق سرق درعي. فلما رأى السارق ذلك عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء وقال لنفر من عشيرته : إني غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان وستوجد عنده، فانطلقوا إلى النبي ﷺ فقالوا : يا نبي الله إن صاحبنا بريء، وإن سارق الدرع فلان، وقد أحطنا بذلك علماً، فاعذر صاحبنا على رؤوس الناس، وجادل عنه فإنه إن لا يعصمه الله بك يهلك، فقام رسول الله ﷺ فبرأه وعذره على رؤوس الناس، فأنزل الله ﴿ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ﴾ يقول : بما أنزل الله إليك إلى قوله ﴿ خواناً أثيماً ﴾ ثم قال للذين أتوا رسول الله ﷺ ليلاً ﴿ يستخفون من الناس ﴾ إلى قوله ﴿ وكيلاً ﴾ يعني الذين أتوا رسول الله ﷺ مستخفين يجادلون عن الخائنين، ثم قال ﴿ ومن يكسب خطيئة... ﴾ الآية. يعني السارق والذين جادلوا عن السارق ».
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال :« كان رجل سرق درعاً من حديد في زمان النبي ﷺ طرحه على يهودي، فقال اليهودي : والله ما سرقتها يا أبا القاسم ولكن طرحت عليّ. وكان الرجل الذي سرق له جيران يبرئونه ويطرحونه على اليهودي، ويقولون : يا رسول الله إن هذا اليهودي خبيث يكفر بالله وبما جئت به، حتى مال عليه النبي ﷺ ببعض القول، فعاتبه الله في ذلك فقال ﴿ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً، واستغفر الله ﴾ بما قلت لهذا اليهودي ﴿ إن الله كان غفوراً رحيماً ﴾ ثم أقبل على جيرانه فقال ﴿ ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم ﴾ إلى قوله ﴿ وكيلاً ﴾ ثم عرض التوبة فقال ﴿ ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً، ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه ﴾ فما أدخلكم أنتم أيها الناس على خطيئة هذا تكلمون دونه ﴿ ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً ﴾ وإن كان مشركاً ﴿ فقد احتمل بهتاناً ﴾ إلى قوله ﴿ ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ﴾ قال : أبى أن يقبل التوبة التي عرض الله له وخرج إلى المشركين بمكة، فنقب بيتاً يسرقه، فهدمه الله عليه فقتله.


الصفحة التالية
Icon