وأخرج ابن المنذر عن الحسن « أن رجلاً على عهد رسول الله ﷺ اخْتَانَ درعاً من حديد، فلما خشي أن توجد عنده ألقاها في بيت جار له من اليهود وقال : تزعمون إني اختنت الدرع - فوالله - لقد أنبئت أنها عند اليهودي، فرفع ذلك إلى النبي ﷺ وجاء أصحابه يعذرونه، فكأن النبي ﷺ عذره حين لم يجد عليه بينة، ووجدوا الدرع في بيت اليهودي، وأبى الله إلا العدل، فأنزل الله على نبيه ﴿ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق ﴾ إلى قوله ﴿ أمن يكون عليهم وكيلاً ﴾ فعرض الله بالتوبة لو قبلها إلى قوله ﴿ ثم يرم به بريئاً ﴾ اليهودي ثم قال لنبيه ﷺ ﴿ ولولا فضل الله عليك ورحمته ﴾ إلى قوله ﴿ وكان فضل الله عليك عظيماً ﴾ فأبرئ اليهودي، وأخبر بصاحب الدرع قال : قد افتضحت الآن في المسلمين، وعلموا أني صاحب الدرع ما لي اقامة ببلد، فتراغم فلحق بالمشركين، فأنزل الله ﴿ ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ﴾ [ النساء : ١١٥ ] إلى قوله ﴿ ضلالاً بعيداًَ ﴾ [ النساء : ١١٦ ] ». وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ﴾ قال : بما أوحى الله إليك، نزلت في طعمة بن أبيرق، استودعه رجل من اليهود درعاً، فانطلق بها إلى داره، فحفر لها اليهودي ثم دفنها، فخالف إليها طعمة فاحتفر عنها فأخذها، فلما جاء اليهودي يطلب درعه كافره عنها، فانطلق إلى أناس من اليهود من عشيرته فقال : انطلقوا معي فإني أعرف موضع الدرع، فلما علم به طعمة أخذ الدرع فألقاها في بيت أبي مليك الأنصاري، فلما جاءت اليهود تطلب الدرع فلم تقدر عليها، وقع به طعمة وأناس من قومه فسبوه قال : أتخوِّنوني... ؟ فانطلقوا يطلبونها في داره، فأشرفوا على دار أبي مليك فإذا هم بالدرع، وقال طعمة : أخذها أبو مليك وجادلت الأنصار دون طعمة، وقال لهم : انطلقوا معي إلى رسول الله ﷺ، فقولوا له ينضح عني ويكذب حجة اليهودي، فإني إن أكذب كذب على أهل المدينة اليهودي، فأتاه أناس من الأنصار فقالوا : يا رسول الله جادل عن طعمة وأكذب اليهودي. فهم رسول الله ﷺ أن يفعل، فأنزل الله عليه ﴿ ولا تكن للخائنين خصيماً ﴾ إلى قوله ﴿ أثيماً ﴾ ثم ذكر الأنصار ومجادلتهم عنه فقال ﴿ يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله ﴾ إلى قوله ﴿ وكيلاً ﴾ ثم دعا إلى التوبة فقال ﴿ ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ﴾ إلى قوله ﴿ رحيماً ﴾ ثم ذكر قوله حين قال أخذها أبو مليك، فقال ﴿ ومن يكسب إثماً ﴾ إلى قوله ﴿ مبيناً ﴾ ثم ذكر الأنصار وأتيانها إياه أن ينضح عن صاحبهم ويجادل عنه فقال :﴿ لهمت طائفة منهم أن يضلوك ﴾ ثم ذكر مناجاتهم فيما يريدون أن يكذبوا عن طعمة فقال :


الصفحة التالية
Icon