فأهوى عمر فضربه بالدرة وقال : مالك نقبت عنها؟ فانصرف حتى كان الغد قال له عمر : الآية التي ذكرت بالأمس؟ فقال ﴿ من يعمل سوءاً يجز به ﴾ فما منا أحد يعمل سوءاً إلا جزي به. فقال عمر : لبثنا حين نزلت ما ينفعنا طعام ولا شراب حتى أنزل الله بعد ذلك، ورخص وقال :﴿ ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً ﴾ [ النساء : ١١٠ ].
وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه والبيهقي « عن أمية بنت عبدالله قالت : سألت عائشة عن هذه الآية ﴿ من يعمل سوءاً يجز به ﴾ فقالت : لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد بعد أن سألت عنه رسول الله ﷺ سألت رسول الله ﷺ، فقال :» يا عائشة هذه مبايعة الله العبد بما يصيبه من الحمى والحزن والنكبة، حتى البضاعة يضعها في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها تحت ضبنه، حتى إن العبد ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير « ».
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير والبيهقي عن زياد بن الربيع قال : قلت لأبي بن كعب : آية في كتاب الله قد أحزنتني قال : ما هي؟ قلت ﴿ من يعمل سوءاً يجز به ﴾ قال : ما كنت أراك إلا أفقه مما أرى، إن المؤمن لا تصيبه مصيبة، عثرة قدم ولا اختلاج عرق ولا نحبة نملة إلا بذنب، وما يعفوه الله عنه أكثر حتى اللدغة والنفحة.
وأخرج هناد وأبو نعيم في الحلية عن إبراهيم بن مرة قال : جاء رجل إلى أبي فقال : يا أبا المنذر آية في كتاب الله قد غمتني، قال : أي آية؟ قال ﴿ من يعمل سوءاً يجز به ﴾ قال : ذاك العبد المؤمن، ما أصابته من نكبة مصيبة فيصبر، فليقى الله تعالى ولا ذنب له.
وأخرج ابن جرير « عن عطاء بن أبي رباح قال : لما نزلت ﴿ من يعمل سوءاً يجز به ﴾ قال أبو بكر : جاءت قاصمة الظهر. فقال رسول الله ﷺ :» إنما هي المصيبات في الدنيا « ».
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس. إن ابن عمر لقيه حزيناً فسأله عن هذه الآية ﴿ ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به ﴾ فقال : ما لكم ولهذه، إنما هذه للمشركين، قريش وأهل الكتاب.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس ﴿ من يعمل سوءاً يجز به ﴾ يقول : من يشرك يجز به وهو السوء ﴿ ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً ﴾ إلا أن يتوب قبل موته، فيتوب الله عليه.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وهناد والحكيم الترمذي والبيهقي عن الحسن في قوله ﴿ من يعمل سوءاً يجز به ﴾ قال : إنما ذاك لمن أراد الله هوانه، فأما من أراد الله كرامته فإنه يتجاوز عن سيئاته في أصحاب الجنة، وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.