وأخرج أبو الشيخ عن قتادة قال « ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في الذين أقبلوا مع جعفر من أرض الحبشة، وكان جعفر لحق بالحبشة هو وأربعون معه من قريش، وخمسون من الأشعريين، منهم أربعة من عك، أكبرهم أبو عامر الأشعري وأصغرهم عامر، فذكر لنا أن قريشاً بعثوا في طلبهم عمرو بن العاص، وعمارة بن الوليد، فأتوا النجاشي فقالوا : إن هؤلاء قد أفسدوا دين قومهم، فأرسل اليهم فجاؤوا فسألهم، فقالوا : بعث الله فينا نبياً كما بعث في الأمم قبلنا يدعوننا إلى الله وحده، ويأمرنا بالمعروف وينهانا عن المنكر، ويأمرنا بالصلة، وينهانا عن القطيعة، ويأمرنا بالوفاء، وينهانا عن النكث، وإن قومنا بغوا علينا، وأخرجونا حين صدقناه وآمنا به، فلم نجد أحد نلجأ اليه غيرك فقال : معروفاً. فقال عمرو وصاحبه : إنهم يقولون في عيسى غير الذي تقول. قال : وما تقولون في عيسى؟ قالوا : نشهد أنه عبد الله ورسوله، وكلمته وروحه، ولدته عذراء بتول. قال : ما أخطأتم، ثم قال لعمرو وصاحبه : لولا أنكما أقبلتما في جواري لفعلت بكما، وذكر لنا أن جعفر وأصحابه إذ أقبلوا جاء أولئك معهم فآمنوا بمحمد ﷺ. قال قائل : لو قد رجعوا إلى أرضهم لحقوا بدينهم، فحدثنا أنه قدم مع جعفر سبعون منهم، فلما قرأ عليهم نبي الله ﷺ، فاضت أعينهم ».
وأخرج ابن جرير و ابن أبي حاتم عن السدي قال « بعث إلى رسول الله ﷺ إثنا عشر رجلاً، سبعة قسيسين وخمسة رهباناً، ينظرون إليه ويسألونه، فلما لقوه قرأ عليهم ما أنزل الله بكوا وآمنوا، وأنزل الله فيهم ﴿ وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ﴾ الآية ».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال « كان رسول الله ﷺ وهو بمكة يخاف على أصحابه من المشركين، فبعث جعفر بن أبي طالب، وابن مسعود، وعثمان بن مظعون في رهط من أصحابه إلى النجاشي ملك الحبشة، فلما بلغ المشركين بعثوا عمرو بن العاص في رهط منهم، وذكروا أنهم سبقوا أصحاب النبي ﷺ إلى النجاشي، فقالوا : إنه قد خرج فينا رجل سفه عقول قريش وأحلامها، زعم أنه نبي وأنه بعث إليك رهطاً ليفسدوا عليك قومك، فأحببنا أن نأتيك ونخبرك خبرهم. قال : إن جاؤوني نظرت فيما يقولون، فلما قدم أصحاب رسول الله ﷺ، فأتوا إلى باب النجاشي فقالوا : استأذن لأولياء الله؟ فقال : ائذن لهم فمرحباً بأولياء الله، فلما دخلوا عليه سلموا فقال الرهط من المشركين : ألم تر أيها الملك انا صدقناك وانهم لم يحيوك بتحيتك التي تحيى بها؟.