قلت : وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه؟ قال : وإن أمرك فإن الحق فيما يجيء به، ورضا الرحمن فيما قال.
فلم يمض إلا يسير حتى استيقظ فزعاً يذكر الله تعالى فقال : يا سلمان، مضى الفيء من هذا المكان ولم أذكر الله، أين ما جعلت لي على نفسك؟ قال : قلت : أخبرتني أنك لم تنم منذ كذا وكذا، وقد رأيت بعض ذلك فأحببت أن تشتفي من النوم فحمد الله، فقام وخرج فتبعته فقال المقعد : يا عبد الله، دخلت فسألتك فلم تعطني، وخرجت فسألتك فلم تعطني، فقام ينظر هل يرى أحداً فلم يره، فدنا منه فقال : ناولني يدك، فناوله فقال : قم بسم الله، فقام كأنه نشط من عقال صحيحاً لا عيب فيه، فخلى عن يده، فانطلق ذاهباً فكان لا يلوي على أحد ولا يقوم عليه، فقال لي المقعد : يا غلام، أحمل على ثيابي حتى أنطلق وأبشر أهلي، فحملت عليه ثيابه وانطلق لا يلوي عليَّ.
فخرجت في أثره أطلبه، وكلما سألت عنه قالوا : أمامك. حتى لقيني الركب من كلب فسألتهم، فلما سمعوا لغتي أناخ رجل منهم بعيره فحملني، فجعلني خلفه حتى بلغوا بي بلادهم قال : فباعوني فاشترتني امرأة من الأنصار فجعلتني في حائط لها، وقدم رسول الله ﷺ فأُخبرت به، فأخذت شيئاً من تمر حائطي فجعلته على شيء، ثم أتيته فوجدت عنده أناساً، وإذا أبو بكر أقرب القوم منه، فوضعته بين يديه فقال : ما هذا؟ قلت صدقة. فقال للقوم : كلوا ولم يأكل هو، ثم لبثت ما شاء الله، ثم أخذت مثل ذلك فجعلته على شيء، ثم أتيته به فوجدت عنده أناساً، وإذا أبو بكر أقرب القوم منه، فوضعته بين يديه فقال : ما هذا؟ قلت : هدية. قال : بسم الله، فأكل وأكل القوم، قال : قلت : في نفسي هذه من آياته، كان صاحبي رجلاً أعجمياً لم يحسن أن يقول تهامة قال تهمة، وقال أحمد فدرت خلفه ففطن بي فأرخى ثوبه فإذا الخاتم في ناحية كتفه الايسر، فتبينته ثم درت حتى جلست بين يديه فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
قال : من أنت؟ قلت : مملوك، فحدثته بحديثي وحديث الرجل الذي كنت معه وما أمرني به، قال : لمن أنت؟ قلت : لامرأة من الأنصار جعلتني في حائط لها.