وأخرج عبد الرزاق والطبراني عن عائشة قالت « دخلت امرأة عثمان بن مظعون واسمها خولة بنت حكيم عليَّ، وهي باذة الهيئة فسألتها ما شأنك؟ فقالت : زوجي يقوم الليل ويصوم النهار، فدخل النبي ﷺ، فذكرت ذلك له، فلقي النبي ﷺ فقال : يا عثمان، إن الرهبانية لم تكتب علينا، أما لك فيَّ أسوة؟ فوالله إن أخشاكم لله وأحفظكم لحدوده لأنا ».
وأخرج عبد الرزاق عن أبي قلابة « أن رسول الله ﷺ قال من : تبتل فليس منا ».
وأخرج ابن سعد عن ابن شهاب « أن عثمان بن مظعون أراد أن يختصي ويسيح في الأرض، فقال له رسول الله ﷺ : أليس لك فيَّ أسوة؟ فأني آتي النساء، وآكل اللحم، وأصوم وأفطر، إن خصاء أمتي الصيام، وليس من أمتي من خصى أو اختصى ».
وأخرج ابن سعد عن أبي بردة قال « دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي ﷺ، فرأينها سيئة الهيئة، فقلن لها : ما لك؟ فقالت : ما لنا منه شيء، أما ليله فقائم، وأما نهاره فصائم، فدخل النبي ﷺ، فذكرن ذلك له، فلقيه فقال يا عثمان بن مظعون، أما لك فيَّ أسوة؟ قال : وما ذاك؟ قال : تصوم النهار وتقوم الليل. قال : إني لأفعل. قال : لا تفعل، إن لعينك عليك حقاً، وإن لجسدك عليك حقاً، وإن لأهلك عليك حقاً، فصل ونم، وصم وأفطر، قال : فاتتهن بعد ذلك عطرة كأنها عروس، فقلن لها : مه؟ قالت : أصابنا ما أصاب الناس ».
وأخرج ابن سعد عن أبي قلابة « أن عثمان بن مظعون اتخذ بيتاً فقعد يتعبّد فيه، فبلغ ذلك النبي ﷺ، فأتاه فأخذ بعضادتي باب البيت الذي هو فيه، فقال : يا عثمان، إن الله لم يبعثني بالرهبانية مرتين أو ثلاثاً، وإن خير الدين عند الله الحنيفية السمحة ».
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال « كانت امرأة عثمان بن مظعون امرأة جميلة عطرة تحب اللباس والهيئة لزوجها، فزارتها عائشة وهي تفلة، قالت : ما حالك هذه؟ قالت : إن نفراً من أصحاب النبي ﷺ منهم علي بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، وعثمان بن مظعون، قد تخلوا للعبادة وامتنعوا من النساء وأكل اللحم، وصاموا النهار وقاموا الليل، فكرهت أن أريه من حالي ما يدعوه إلى ما عندي لما تخلى له، فلما دخل النبي ﷺ أخبرته عائشة، فأخذ النبي ﷺ نعله، فحمله بالسبابة من أصبعه اليسرى، ثم انطلق سريعاً حتى دخل عليهم، فسألهم عن حالهم، قالوا : أردنا الخير. فقال رسول الله ﷺ : إني إنما بعثت بالحنيفية السمحة، وإني لم أبعث بالرهبانية البدعة، إلا وإن أقواماً ابتدعوا الرهبانية فكتبت عليهم فما رعوها حق رعايتها، إلا فكلوا اللحم، وأتوا النساء، وصوموا وأفطروا، وصلوا وناموا، فإني بذلك أمرت ».


الصفحة التالية
Icon