« نزلت فيَّ ثلاث آيات من كتاب الله نزل تحريم الخمر، نادمت رجلاً فعارضته وعارضني، فعربدت عليه فشججته، فأنزل الله ﴿ يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر ﴾ إلى قوله ﴿ فهل أنتم منتهون ﴾ ونزلت فيَّ ﴿ ووصينا الإنسان بوالديه حسناً ﴾ [ العنكبوت : ٨ ] حملته أمه كرهاً إلى آخر الآية ونزلت ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ﴾ [ المجادلة : ١٢ ] فقدمت شعيرة، فقال رسول الله ﷺ : إنك لزهيد، فنزلت الآية الأخرى ﴿ أأشفقتم أن تقدموا... ﴾ [ المجادلة : ١٣ ] الآية ».
وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : إنما نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار، شربوا فلما أن ثمل القوم عبث بعضهم ببعض، فلما أن صحوا جعل يرى الرجل منهم الأثر بوجهه وبرأسه ولحيته، فيقول : صنع بي هذا أخي فلان، وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن، والله لو كان بي رؤوفاً ما صنع بي هذا، حتى وقعت الضغائن في قلوبهم، فأنزل الله هذه الآية ﴿ يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر ﴾ إلى قوله ﴿ فهل أنتم منتهون ﴾ فقال ناس من المتكلفين : هي رجس، وهي في بطن فلان قتل يوم بدر، وفلان قتل يوم أحد، فأنزل الله هذه الآية ﴿ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ﴾ الآية.
وأخرج ابن جرير عن بريدة قال « بينما نحن قعود على شراب لنا ونحن نشرب الخمر جلاء، إذ قمت حتى آتي رسول الله ﷺ، فأسلم عليه وقد نزل تحريم الخمر ﴿ يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر ﴾ إلى قوله ﴿ منتهون ﴾ فجئت إلى أصحابي فقرأتها عليهم، قال : وبعض القوم شربته في يده قد شرب بعضاً وبقي بعض في الإناء، فقال بالإناء تحت شفته العليا كما يفعل الحجام، ثم صبوا ما في باطيتهم، فقالوا : انتهينا ربنا ».
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال : قام رسول الله ﷺ فقال « يا أهل المدينة إن الله يعرض عن الخمر تعريضاً لا أدري لعله سينزل فيها أمر، ثم قام فقال : يا أهل المدينة إن الله قد أنزل إليَّ تحريم الخمر، فمن كتب منكم هذه الآية وعنده منها شيء فلا يشربها ».
وأخرج ابن سعد عن عبد الرحمن بن سابط قال : زعموا أن عثمان بن مظعون حرم الخمر في الجاهلية، وقال : لا أشرب شيئاً يذهب عقلي، ويضحك بي من هو أدنى مني، ويحملني على أن أنكح كريمتي من لا أريد، فنزلت هذه الآية في سورة المائدة في الخمر، فمر عليَّ رجل فقال : حرمت الخمر، وتلا هذه الآية فقال : تباً لها قد كان بصري فيها ثابتاً.


الصفحة التالية
Icon