قال قبيصة : وما أذكر الآية في سورة المائدة ﴿ يحكم به ذوا عدل منكم ﴾ قال : فبلغ عمر مقالتي فلم يفجأنا إلا ومعه الدرة، فعلا صاحبي ضرباً بها، وهو يقول : أقتلت الصيد في الحرم وسفهت الفتيا، ثم أقبل عليَّ يضربني فقلت : يا أمير المؤمنين، لا أحل لك مني شيئاً مما حرم الله عليك. قال : يا قبيصة، إني أراك شاباً حديث السن، فصيح اللسان فسيح الصدر، وإنه قد يكون في الرجل تسعة أخلاق صالحة وخلق سيء، فيغلب خلقه السيء أخلاقه الصالحة، فإياك وعثرات الشباب.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران. أن أعرابياً أتى أبا بكر فقال : قتلت صيداً وأنا محرم، فما ترى عليَّ من الجزاء؟ فقال أبو بكر لأبي بن كعب وهوجالس عنده : ما ترى فيها؟ فقال الأعرابي : أتيتك وأنت خليفة رسول الله ﷺ أسألك فإذا أنت تسأل غيرك! قال أبو بكر : فما تنكر؟ يقول الله ﴿ يحكم به ذوا عدل منكم ﴾ فشاورت صاحبي حتى إذا اتفقنا على أمر أمرناك به.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن بكر بن عبد الله المزني قال : كان رجلان من الأعراب محرمان، فأجاش أحدهما ظبياً فقتله الآخر، فأتيا عمر وعنده عبد الرحمن بن عوف، فقال له عمر : ما ترى؟ قال : شاة. قال : وأنا أرى ذلك، اذهبا فاهديا شاة، فلما مضيا قال أحدهما لصاحبه : ما درى أمير المؤمنين ما يقول حتى سأل صاحبه! فسمعها عمر فردهما، وأقبل على القائل ضرباً بالدرة وقال : تقتل الصيد وأنت محرم وتغمص الفتيا؟، إن الله يقول ﴿ يحكم به ذوا عدل منكم ﴾ ثم قال : إن الله لم يرض بعمر وحده فاستعنت بصاحبي هذا.
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن طارق بن شهاب قال : أوطأ أربد ظبياً فقتله وهو محرم، فأتى عمر ليحكم عليه، فقال له عمر : احكم معي. فحكما فيه جدياً قد جمع الماء والشجر، ثم قال عمر ﴿ يحكم به ذوا عدل منكم ﴾.
وأخرج ابن جرير عن أبي مجلز : أن رجلاً سأل ابن عمر عن رجل أصاب صيداً وهومحرم وعنده عبدالله بن صفوان فقال ابن عمر له : إما أن تقول فأصدقك أو أقول فتصدقني. فقال ابن صفوان : بل أنت فقل. فقال ابن عمر ووافقه على ذلك عبدالله بن صفوان.
وأخرج ابن سعد وابن جرير وأبو الشيخ عن أبي حريز البجلي قال : أصبت ظبياً وأنا محرم، فذكرت ذلك لعمر فقال : ائت رجلين من إخوانك فليحكما عليك، فأتيت عبد الرحمن بن عوف وسعداً، فحكما عليَّ تيساً أعفر.