فمات عبد الرحمن أخو حسان الشاعر وترك امرأة له يقال لها : أم كحة. وترك خمس جوار، فجاءت الورثة فأخذوا ماله، فشكت أم كحة ذلك إلى النبي ﷺ، فأنزل الله هذه الآية ﴿ فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ﴾ ثم قال : في أم كحة ﴿ ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن ﴾ [ النساء : ١٢ ].
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ فإن كن نساء ﴾ يعني بنات ﴿ فوق اثنتين ﴾ يعني أكثر من اثنتين، أو كن اثنتين ليس معهن ذكر ﴿ فلهن ثلثا ما ترك ﴾ الميت والبقية للعصبة ﴿ وإن كانت واحدة ﴾ يعني ابنة واحدة فلها النصف، ﴿ ولأبويه ﴾ يعني أبوي الميت ﴿ لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ﴾ يعني ذكراً كان أوكانتا اثنتين فوق ذلك ولم يكن معهن ذكر، فإن كان الولد ابنة واحدة فلها نصف المال ثلاثة أسداس وللأب سدس، ويبقى سدس واحد فيرد ذلك على الأب لأنه هو العصبة ﴿ فإن لم يكن له ولد ﴾ قال : ذكر ولا أنثى ﴿ وورَّثه أبواه فلأمه الثلث ﴾ وبقية المال للأب ﴿ فإن كان له ﴾ يعني للميت ﴿ إخوة ﴾ قال : أخوان فصاعداً أو أختان أو أخ أو أخت ﴿ فلأمه السدس ﴾ وما بقي فللأب، وليس للإخوة مع الأب شيء، ولكنهم حجبوا الأم عن الثلث ﴿ من بعد وصية يوصي بها ﴾ فيما بينه وبين الثلث لغير الورثة ولا تجوز وصية لوارث ﴿ أو دين ﴾ يعني يحرم الميراث للورثة من بعد دين على الميت ﴿ فريضة من الله ﴾ يعني ما ذكر من قسمة الميراث ﴿ إن الله كان عليماً حكيماً ﴾ حكم قسمه.
وأخرج الحاكم عن زيد بن ثابت قال : توفي الرجل أو المرأة وترك بنتاً فلها النصف، فإن كانتا اثنتين فأكثر فلهن الثلثان، وإن كان معهن ذكر فلا فريضة لأحد منهم، ويبدأ بأحد إن شركهن بفريضة فيعطى فريضته.
وأخرج سعيد بن منصور والحاكم والبيهقي عن ابن مسعود قال : كان عمر بن الخطاب إذا سلك بنا طريقاً فاتبعناه وجدناه سهلاً، وإنه سئل عن امرأة وأبوين فقال : للمرأة الربع، وللأم ثلث ما بقي، وما بقي فللأب.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن عكرمة قال : أرسلني ابن عباس إلى زيد بن ثابت أسأله عن زوج وأبوين فقال زيد : للزوج النصف، وللأم ثلث ما بقي، وللأب بقية المال. فأرسل إليه ابن عباس : أفي كتاب الله تجد هذا؟ قال : لا. ولكن أكره أن أفضل أماً على أب. قال : وكان ابن عباس يعطي الأم الثلث من جميع المال.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه دخل على عثمان فقال : إن الأخوين لا يردان الأم عن الثلث قال الله ﴿ فإن كان له إخوة ﴾ فالأخوان ليسا بلسان قومك إخوة، فقال عثمان : لا أستطيع أن أرد ما كان قبلي، ومضى في الأمصار وتوارث به الناس.


الصفحة التالية
Icon