[ الأعراف : ٤٩ ] ثم قال : إن الميزان يخف بمثقال حبة ويرجح. قال : ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف، فوقفوا على الصراط ثم عرض أهل الجنة وأهل، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا : سلام عليكم، وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم رأوا أصحاب النار ﴿ قالوا : ربنا لا تجعلنا من القوم الظالمين ﴾ فتعوّذوا بالله من منازلهم، فأما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون ناراً يمشون به بين أيديهم وبأيمانهم، ويعطى كل عبد مؤمن نوراً وكل أمة نوراً، فإذا أتوا على الصراط سلب الله نور كل منافق ومنافقة، فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون قالوا : ربنا أتمم لنا نورنا. وأما أصحاب الأعراف فإن النور كان في أيديهم فلم ينزع من أيديهم، فهنالك يقول الله ﴿ لم يدخلوها وهم يطمعون ﴾ فكان الطمع دخولاً. قال ابن مسعود : إن العبد إذا عمل حسنة كتبه له بها عشر، وإذا عمل سيئة لم تكتب إلا واحدة، ثم يقول : هلك من غلب وحدانه أعشاره.
وأخرج ابن جرير عن حذيفة قال : أصحاب الأعراف، قوم كانت لهم أعمال أنجاهم الله من النار، وهم آخر من يدخل الجنة قد عرفوا أهل الجنة وأهل النار.
وأخرج ابن جرير عن حذيفة قال :« إن أصحاب الأعراف : تكافأت أعمالهم فقصرت بهم حسناتهم عن الجنة، وقصرت بهم سيئاتهم عن النار فجعلوا على الأعراف يعرفون الناس بسيماهم، فلما قضى بين العباد أذن لهم في طلب الشفاعة، فأتوا آدم فقالوا : يا آدم أنت أبونا اشفع لنا عند ربك. فقال : هل تعلمون أحداً خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وسبقت رحمة الله إليه غضبه، وسجدت له الملائكة غيري؟ فيقولون : لا. فيقول : ما علمت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا ابني إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيسألونه أن يشفع لهم عند ربه، فيقول : هل تعلمون أحداً اتخذه الله خليلاً؟ هل تعلمون أحداً أحرقه قومه في الله غيري؟ فيقولون : لا. فيقول : ما علمت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا ابني موسى. فيأتون موسى فيقول : هل تعلمون من أحد كلمه الله تكليماً وقرَّبه نجيا غيري؟ فيقولون : لا. فيقول : ما علمت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا عيسى. فيأتونه فيقولون : اشفع لنا عند ربك : فيقول هل تعلمون أحداً خلقه الله من غير آب غيري؟ فيقول : هل تعلمون من أحد كان يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله غيري؟ فيقولون : لا. فيقول : أنا حجيج نفسي، ما علمت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا محمداً ﷺ قال رسول الله صلى عليه وسلم : فيأتونني فاضرب بيدي على صدري، ثم أقول » أنا لها، ثم أمشي حتى أقف بين يدي العرش فأثني على ربي، فيفتح لي من الثناء ما لم يسمع السامعون بمثله قط، ثم اسجد فيقال لي : يا محمد ارفع رأسك سل تعطه، واشفع تشفع، فارفع رأسي فأقول : يا رب أمتي فيقول : هم لك، فلا يبقى نبي مرسل ولا ملك مقرب إلا غبطني يومئذ بذلك المقام وهو المقام المحمود، فآتي بهم باب الجنة، فاستفتح فيفتح لي ولهم، فيذهب بهم إلى نهر يقال له نهر الحياة، حافتاه قُضب من ذهب مكلل باللؤلؤ، ترابه المسك وحصباؤه الياقوت، فيغتسلون منه فتعود إليهم ألوان أهل الجنة وريح أهل الجنة، ويصيرون كأنهم الكواكب الدرية، وتبقى في صدروهم شامات بيض يعرفون بها يقال لهم : مساكين أهل الجنة « ».


الصفحة التالية
Icon