وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : أوحى الله تعالى إلى شعيب « إني باعث نبياً أمياً أفتح به آذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، وأعيناً عمياً، مولده بمكة ومهاجره بطيبة وملكه بالشام، عبدي المتوكل المصطفى المرفوع الحبيب المتحبب المختار، لا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح رحيماً بالمؤمنين، يبكي للبهيمة المثقلة ويبكي لليتيم في حجر الأرملة، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا متزين بالفحش، ولا قوّال للخنا، يمر إلى جنب السراج لم يطفئه من سكينته، ولو يمشي على القصب الرعراع يعني اليابس لم يسمع من تحت قدميه، أبعثه مبشراً ونذيراً، أسدده لكل جميل وأهب له كل خلق كريم، أجعل السكينة لباسه، والبرَّ شعاره، والمغفرة والمعروف حليته، والحق شريعته، والهدى إمامه، والإِسلام ملته، وأحمد اسمه، أهدي به من بعد الضلالة، وأعلم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة، وأسمي به بعد النكرة، وأكثر به بعد القلة، وأغنى به بعد العيلة، وأجمع به بعد الفرقة، وأؤلف به بين قلوب، وأهواء متشتتة وأمم مختلفة، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، آمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، وتوحيداً لي وإيماناً بي وإخلاصاً لي وتصديقاً لما جاءت به رسلي، وهم رعاة الشمس.
طوبى لتلك القلوب والوجوه والأرواح التي أخلصت لي، أُلهمهم التسبيح والتكبير والتمجيد والتوحيد في مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم، ويصفُّون في مساجدهم كما تصف الملائكة حول عرشي، هم أوليائي وأنصاري، أنتقم بهم من أعدائي عبدة الأوثان، يصلون لي قياماً وقعوداً وسجوداً، ويخرجون من ديارهم وأموالهم ابتغاء مرضاتي ألوفاً، ويقاتلون في سبيلي صفوفاً وزحوفاً، اختم بكتبهم الكتب، وشريعتهم الشرائع، وبدينهم الأديان، من أدركهم فلم يؤمن بكتابهم ويدخل في دينهم وشريعتهم فليس مني وهو مني بريء، واجعلهم أفضل الأمم، واجعلهم أمة وسطاء شهداء على الناس، إذا عضبوا هللوني، وإذا قبضوا كبَّروني، وإذا تنازعوا سبَّحوني، يطهرون الوجوه والأطراف، ويشدون الثياب إلى الأنصاف، ويهللون على التلال والأشراف، قربانهم دماؤهم، وأناجيلهم صدورهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار، مناديهم في جو السماء، لهم دوي كدوي النحل، طوبى لمن كان معهم وعلى دينهم ومناهجهم وشريعتهم، ذلك فضلي أوتيه من أشاء وأنا ذو الفضل العظيم ».
وأخرج البيهقي في الدلائل عن وهب بن منبه قال : إن الله أوحى في الزبور « يا داود إنه سيأتي من بعدك نبي اسمه أحمد ومحمد صادقاً نبياً لا أغضب عليه أبداً ولا يعصيني أبداً، وقد غفرت له أن يعصيني ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأمته مرحومة أعطيتهم من النوافل مثل ما أعطيت الأنبياء، وافترضت عليهم الفرائض التي افترضت على الأنبياء والرسل، حتى يأتوني يوم القيامة ونورهم مثل نور الأنبياء، وذلك أني افترضت عليهم أن يتطهروا لي لكل صلاة كما افترضت على الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالغسل من الجنابة كما أمرت الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالحج كما أمرت الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالجهاد كما أمرت الرسل قبلهم، يا داود إني فضَّلت محمداً وأمته على الأمم، أعطيتهم ست خصال لم أعطها غيرهم من الأمم، لا أؤاخذهم بالخطأ والنسيان، وكل ذنب ركبوه على غير عمد إذا استغفروني منه غفرته، وما قدموا لآخرتهم من شيء طيبة به أنفسهم عجلته لهم أضعافاً مضاعفة، ولهم عندي أضعاف مضاعفة وأفضل من ذلك، وأعطيتهم على المصائب في البلايا إذا صبروا وقالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، الصلاة والرحمة والهدى إلى جنات النعيم، فإن دعوني استجبت لهم، فإما أن يروه عاجلاً وإما أن أصرف عنهم سوءاً وإما أن أؤخره لهم في الآخرة، يا داود من لقيني من أمة محمد يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي صادقاً بها فهو معي في جنتي وكرامتي، ومن لقيني وقد كذب محمداً وكذب بما جاء به واستهزأ بكتابي صببت عليه في قبره العذاب صباً، وضربت الملائكة وجهه ودبره عند منشره من قبره، ثم أدخله في الدرك الأسفل من النار ».