ورأى الأنبياء فيهم مثل السرج عليهم النور، وخصوا بميثاق آخر في الرسالة والنبوة أن يبلغوا وهو قوله ﴿ وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ﴾ [ الأحزاب : ٧ ] الآية وهو قوله ﴿ فطرة الله التي فطر الناس عليها ﴾ [ الروم : ٣٠ ] وفي ذلك قال ﴿ وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ﴾ [ الأعراف : ١٠٢ ] وفي ذلك قال ﴿ فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل ﴾ [ الأعراف : ١٠١ ] قال : فكان في علم الله يومئذ من يكذب به ومن يصدق به، فكان روح عيسى من تلك الأرواح التي أخذ عهدها وميثاقها في زمن آدم، فأرسله الله إلى مريم في صورة بشر فتمثل لها بشراً سوياً. قال : أبي فدخل من فيها.
وأخرج مالك في الموطأ وأحمد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والآجري في الشريعة وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه واللالكائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن مسلم بن يسار الجهني، أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية ﴿ وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم... ﴾ الآية. فقال : سمعت رسول الله ﷺ سئل عنها فقال « أن الله خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه، فاستخرج منه ذرية فقال : خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية، فقال : خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون. فقال الرجل : يا رسول الله ففيم العمل؟ فقال : إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله الله الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله الله النار ».
وأخرج أحمد والنسائي وابن جرير وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال « إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرها بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلاً قال ﴿ ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ﴾ إلى قوله ﴿ المبطلون ﴾ ».


الصفحة التالية
Icon