وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن الحسن. أنه تلا هذه الآية ﴿ عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ﴾ فقال : يا لها من سعة ما أوسعها!، ويا لها ثقة ما أوثقها!.
وأخرج أبو الشيخ عن عثمان الشحام أبي سلمة قال :« حدثني شيخ من أهل البصرة وكان له فضل وسن قال : بلغني أن داود سأل ربه قال : يا رب، كيف لي أن أمشي لك في الأرض وأعمل لك فيها بنصح؟ قال » يا داود، تحب من أحبني من أحمر وأبيض، ولا يزال شفتاك رطبتين من ذكري، واجتنب فراش المغيب. قال : أي رب، فكيف أن تحبني أهل الدنيا البر والفاجر؟ قال : يا داود، تصانع أهل الدنيا لدنياهم، وتحب أهل الآخرة لآخرتهم، وتجتان إليك ذنبك بيني وبينك، فإنك إذا فعلت ذلك فلا يضرك من ضل إذا اهتديت « ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر. أنه جاء رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن، نفر ستة كلهم قرأ القرآن، وكلهم مجتهد لا يألوهم في ذلك يشهد بعضهم على بعض بالشرك، فقال : لعلك ترى أني آمرك أن تذهب إليهم تقاتلهم، عظهم و انههم، فإن عصوك فعليك نفسك، فإن الله تعالى يقول ﴿ يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ﴾ حتى ختم الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن صفوان بن محرز. أنه أتاه رجل من أصحاب الأهواء، فذكر له بعض أمره فقال له صفوان : ألا أدلك على خاصة الله التي خص الله بها أولياءه ﴿ يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله ﴿ عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ﴾ يقول : أطيعوا أمري، واحفظوا وصيتي.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله ﴿ عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ﴾ يقول : إذا ما أطاعني العبد فيما أمرته من الحلال والحرام، فلا يضره من ضل بعده إذا عمل بما أمرته به.
وأخرج ابن جرير من طريق قارب بينهما عن الضحاك عن ابن عباس قال :﴿ عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ﴾ ما لم يكن سيف أو سوط.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مكحول. أن رجلاً سأله عن قول الله ﴿ عليكم أنفسكم ﴾ الآية. فقال : إن تأويل هذه الآية لم يجيء بعد، إذا هاب الواعظ وأنكر الموعوظ، فعليك نفسك لا يضرك حينئذ من ضل إذا اهتديت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر مولى غفرة قال : إنما أنزلت هذه الآية لأن الرجل كان يسلم ويكفر أبوه، ويسلم الرجل ويكفر أخوه، فلما دخل قلوبهم حلاوة الإيمان دعوا آباءهم وإخوانهم، فقالوا : حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا.


الصفحة التالية
Icon