وأخرج البيهقي في الشعب عن عطاء قال : لما رفع إبراهيم في ملكوت السموات رأى رجلاً يزني فدعا عليه فهلك، ثم رفع فرأى رجلاً يزني فدعا عليه فهلك، ثم رفع فرأى رجلاً يزني فدعا فهلك، ثم رأى رجلاً يزني فدعا فهلك. فقيل : على رسلك يا إبراهيم إنك عبد مستجاب لك، وإني من عبدي على ثلاث : إما أن يتوب إلي فأتوب عليه، وإما أن أخرج منه ذرية طيبة تعبدني، وإما أن يتمادى فيما هو فيه فإن جهنم من ورائه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض ﴾ قال : يعني خلق السموات والأرض ﴿ وليكون من الموقنين ﴾ فإنه جلا له الأمر سره وعلانيته، فلم يخف عليه شيء من أعمال الخلائق، فلما جعل يلعن أصحاب الذنوب قال الله : إنك لا تستطيع هذا، فرده الله كما كان قبل ذلك.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا أن إبراهيم عليه السلام فر به من جبار مترف، فجعل في سرب وجعل زرقه في أطرافه، فجعل لا يمص أصبعاً من أصابعه إلا جعل الله له فيها رزقاً، فلما خرج من ذلك السرب أراه الله ملكوت السموات والأرض، وأراه شمساً وقمراً ونجوماً وسحاباً وخلقاً عظيماً، وأراه ملكوت الأرض فرأى جبالاً وبحوراً وأنهاراً وشجراً ومن كل الدواب وخلقاً عظيماً ﴿ فلما جن عليه الليل رأى كوكباً ﴾ ذكر لنا أن الكوكب الذي رأى الزهرة طلعت عشاء ﴿ قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين ﴾ علم أن ربه دائم لا يزول ﴿ فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي ﴾ رأى خلقاً أكبر من الخلق الأوّل ﴿ فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الظالمين، فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر ﴾ أي أكبر خلقاً من الخلقين الأوّلين. وأبهى وأنور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كان من شأن إبراهيم عليه السلام أن أول ملك ملك في الأرض شرقها وغربها نمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح، وكانت الملوك الذين ملكوا الأرض كلها أربعة : بن كنعان وسليمان بن داود، وذو القرنين، وبختنصر. مسلمين وكافرين، وإنه طلع كوكب على نمورد، ذهب بضوء الشمس والقمر ففزع من ذلك، فدعا السحرة والكهنة والقافة والحازة فسألهم عن ذلك! فقالوا : يخرج من ملكك رجل يكون على وجهه هلاكك وهلاك ملكك، وكان مسكنه ببابل الكوفة فخرج من قريته إلى قرية أخرى، وأخرج الرجال وترك النساء، وأمر أن لا يولد مولود ذكر إلا ذبحه فذبح أولادهم.
ثم إنه بدت له حاجة في المدينة لم يأمن عليها إلا آزر أبا إبراهيم، فدعاه فأرسله فقال له : أنظر لا تواقع أهلك.