﴿ إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح ﴾ [ هود : ٤٥ ] يقول : إنه ليس من أهل دينك إن عمله كان غير صالح. قال : اهبط بسلام منا. فبعث نوح عليه السلام من يأتيه بخبر الأرض، فجاء الطير الأهلي وقال : أنا. فأخذها وختم جناحيها فقال : أنت مختومة بخاتمي لا تطير أبداً ينتفع بك ذريتي. فبعث الغراب فأصاب جيفة فوقع عليها، فاحتبس فلعنه فمن ثَمَّ يقتل في الحرم، وبعث الحمامة وهي القمري فذهبت فلم تجد في الأرض قراراً، فوقعت على شجرة بأرض سبا فحملت ورقة زيتون فرجعت إلى نوح فعلم أنها لم تستمكن من الأرض، ثم بعثها بعد أيام فخرجت حتى وقعت بوادي الحرم، فإذا الماء قد نضب وأول ما نضب موضع الكعبة، وكانت طينتها حمراء فخضبت رجليها، ثم جاءت إلى نوح فقالت : البشرى استمكن الأرض فمسح يده على عنقها، وطوّقها، ووهب لها الحمرة في رجليها، ودعا لها، وأسكنها الحرم، وبارك عليها فمن ثم شفق بها الناس، ثم خرج فنزل بأرض الموصل وهي قرية الثمانين لأنه نزل في ثمانين، فوقع فيهم الوباء فماتوا إلا نوح وسام وحام ويافث ونساؤهم وطبقت الأرض منهم، وذلك قوله ﴿ وجعلنا ذريته هم الباقين ﴾.
وأخرج ابن عساكر عن خالد الزيات قال : بلغنا أن نوحاً عليه السلام ركب السفينة أول يوم من رجب وقال لمن معه من الجن والإِنس : صوموا هذا اليوم فإنه من صامه منكم بعدت عنه النار مسيرة سنة، ومن صام منكم سبعة أيام أغلقت عنه أبواب جهنم السبعة، ومن صام منكم ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنة الثمانية، ومن صام منكم عشرة أيام قال الله له : سل تعطه، ومن صام منكم خمسة عشر يوماً قال الله له : استأنف العمل فقد غفرت لك ما مضى، ومن زاد زاده الله. فصام نوح عليه السلام في السفينة رجب، وشعبان، ورمضان، وشوّالاً، وذا القعدة، وذا الحجة، وعشراً من المحرم، فأرست السفينة يوم عاشوراء فقال نوح عليه السلام لمن معه من الجن والإِنس : صوموا هذا اليوم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : ركب نوح عليه السلام في السفينة في عشرة خلون من رجب، نزل عنها في عشر خلون من المحرم، فصام هو وأهله من الليل إلى الليل.