وأخرج عبد الرزاق في المصنف والأزرقي في تاريخ مكة والبيهقي في الدلائل عن الزهري رضي الله عنه قال : أول ما ذكر من عبد المطلب جد رسول الله ﷺ : أن قريشاً خرجت من الحرم فارّة من أصحاب الفيل وهو غلام شاب فقال : والله لا أخرج من حرم الله أبتغي العز في غيره. فجلس عند البيت وأجلت عنه قريش فقال :
اللهم إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك | لا يغلبن صليبهم وضلالهم عدواً محالك |
حتى إذا أمكن الحفر واشتد عليه الأذى، نذر أن وفي له عشرة من الولدان ينحر أحدهم، ثم حفر حتى أدرك سيوفاً دفنت في زمزم حين دفنت، فلما رأت قريش أنه قد أدرك السيوف قالوا : يا عبد المطلب أجدنا مما وجدت. فقال عبد المطلب : هذه السيوف لبيت الله. فحفر حتى انبط الماء في التراب وفجرها حتى لا تنزف وبنى عليها حوضاً، فطفق هو وابنه ينزعان فيملآن ذلك الحوض فيشربه الحاج، فيكسره أناس حسدة من قريش فيصلحه عبد المطلب حين يصبح.
فلما أكثروا فساده دعا عبد المطلب ربه، فأريَ في المنام فقيل له : قل اللهمَّ لا أحلها المغتسل ولكن هي للشاربين حل وبل ثم كفيتهم. فقام عبد المطلب حين اختلفت قريش في المسجد، فنادى بالذي أرى ثم انصرف فلم يكن يفسد حوضه ذلك عليه أحد من قريش إلا رمى في جسده بداء حتى تركوا حوضه وسقايته، ثم تزوّج عبد المطلب النساء فولد له عشرة رهط.