وأخرج الطبراني والحاكم وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :« كنت مع رسول الله ﷺ يوم حنين، فولى الناس عنه وبقيت معه في ثمانين رجلاً من المهاجرين والأنصار، فكنا على أقدامنا نحواً من ثمانين قدماً ولم نولهم الدبر، وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة ورسول الله ﷺ على بغلته، فمضى قدماً فقال » ناولني كفاً من تراب. فناولته فضرب وجوههم، فامتلأت أعينهم تراباً وولى المشركون أدبارهم « ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس رضي الله عنه. « أن هوازن جاءت يوم حنين بالنساء والصبيان والإِبل والغنم، فجعلوهم صفوفاً ليكثروا على رسول الله ﷺ، فالتقى المسلمون والمشركون، فولى المسلمون مدبرين كما قال الله تعالى، فقال رسول الله ﷺ » يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله، ثم قال : يا معشر الأنصار أنا عبد الله ورسوله، فهزم الله المشركين ولم يضرب بسيف ولم يطعن برمح « ».
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وأحمد ومسلم والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال « شهدت مع رسول الله ﷺ يوم حنين، فلقد رأيت النبي ﷺ وما معه إلا أنا وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب، فلزمنا رسول الله فلم نفارقه وهو على بغلته الشهباء التي أهداها له فروة بن معاوية الجذامي، فلما التقى المسلمون والمشركون ولي المسلمون مدبرين وطفق النبي ﷺ يركض بغلته قبل الكفار، وأنا آخذ بلجامها أكفها إرادة أن لا تسرع وهو لا يألو ما أسرع نحو المشركين، وأبو سفيان بن الحرث آخذ بغرز رسول الله ﷺ. فقال رسول الله ﷺ : يا عباس نادي أصحاب السمرة يا أصحاب البقرة، فوالله لكأني عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقرة على أولادها ينادون يا لبيك يا لبيك، فأقبل المسلمون فاقتتلوا هم والكفار، وارتفعت الأصوات وهم يقولون : يا معشر الأنصار، يا معشر الأنصار. ثم قصرت الدعوة على بني الحرث بن الخزرج، فتطاول رسول الله ﷺ وهو على بغلته فقال : هذا حين حمي الوطيس، ثم أخذ رسول الله ﷺ حصيات فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال : انهزموا ورب الكعبة. فذهبت أنظر فإذا القتال على هينته فيما أرى، فما هو إلا أن رماهم رسول الله ﷺ بحصيات، فما زلت أرى حدهم كليلاً وأمرهم مدبراً حتى هزمهم الله تعالى ».


الصفحة التالية
Icon