فأومأ جبريل إلى أكحله فقال : ما صنعت شيئاً. قال : كفيتكه. ثم أراه الأسود بن المطلب، فأومأ إلى عينيه فقال : ما صنعت شيئاً. قال : كفيتكه، ثم أراه الأسود بن عبد يغوث، فأومأ إلى رأسه فقال : ما صنعت شيئاً. قال : كَفَيْتُكَهُ. ثم أراه الحرث، فأومأ إلى بطنه فقال : ما صنعت شيئاً. فقال : كفيتكه. ثم أراه العاص بن وائل، فأومأ إلى أخمصه فقال : ما صنعت شيئاً. فقال : كفيتكه. فأما الوليد، فمر برجل من خزاعة وهو يريش نبلاً فأصاب أكحله فقطعها. وأما الأسود بن المطلب، فنزل تحت سمرة فجعل يقول : بنيّ، ألا تدفعون عني؟ قد هلكت وَطُعِنْتُ بالشوك في عيني. فجعلوا يقولون : ما نرى شيئاً. فلم يزل كذلك حتى عتمت عيناه. وأما الأسود بن عبد يغوث، فخرج في رأسه قروح فمات منها. وأما الحارث، فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج خرؤه من فيه فمات منه. وأما العاص، فركب إلى الطائف فربض على شبرقة فدخل من أخمص قدمه شوكة فقتلته «.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق جويبر، عن الضحاك عن ابن عباس، أن الوليد بن المغيرة قال : إن محمداً كاهن، يخبر بما يكون قبل أن يكون وقال أبو جهل : محمد ساحر؛ يفرق بين الأب والابن. وقال عقبة بن أبي معيط : محمد مجنون، يهذي في جنونه. وقال أبي بن خلف : محمد كذاب. فأنزل الله ﴿ انا كفيناك المستهزئين ﴾ فهلكوا قبل بدر.
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه، عن ابن عباس، أن المستهزئين ثمانية : الوليد بن المغيرة، والأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، والعاص بن وائل، والحارث بن عدي بن سهم، وعبد العزى بن قصي؛ وهو أبو زمعة، وكلهم هلك قبل بدر بموت أو مرض. والحارث بن قيس من العياطل.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال :﴿ المستهزئين ﴾ منهم : الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والحارث بن قيس، والأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، وأبو هبار بن الأسود.
وأخرج ابن مردويه عن علي ﴿ إنا كفيناك المستهزئين ﴾ قال : خمسة من قريش، كانوا يستهزئون برسول الله ﷺ، منهم الحارث بن عيطلة والعاص بن وائل والأسود بن عبد يغوث والوليد بن المغيرة.
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط عن أنس قال : مر النبي ﷺ على أناس بمكة، فجعلوا يغمزون في قفاه ويقولون : هذا الذي يزعم أنه نبي ومعه جبريل. فغمز جبريل بأصبعه فوقع مثل الظفر في أجسادهم، فصارت قروحاً نتنة. فلم يستطع أحد أن يدنو منهم. وأنزل الله ﴿ إنا كفيناك المستهزئين ﴾.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف، عن عكرمة قال : مكث النبي ﷺ بمكة خمس عشرة سنة، منها أربع أو خمس يدعو إلى الإِسلام سراً وهو خائف، حتى بعث الله على الرجال الذين أنزل فيهم ﴿ انا كفيناك المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين ﴾ والعضين بلسان قريش، والسحر.


الصفحة التالية
Icon