فشق عن بطنه فغسله ثلاث مرات واختلف إليه ميكائيل عليه السلام بثلاث طساس من ماء زمزم، فشرح صدره ونزع ما كان فيه من غلّ وملأه حلماً وعلماً وإيماناً ويقيناً وإسلاماً، وختم بين كتفيه بخاتم النبوّة، ثم أتاه بفرس فحمل عليه... كل خطوة منه منتهى بصره. فسار وسار معه جبريل، فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم... كلما حصدوا عاد كما كان، فقال النبي ﷺ : يا جبريل، ما هذا.. !؟ قال : هؤلاء المجاهدون في سبيل الله يضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه. ثم أتى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر، كلما رضخت عادت كما كانت ولا يفتر عنهم من ذلك شيء، فقال : ما هؤلاء يا جبريل؟ فقال : هؤلاء الذين تثتاقل رؤوسهم عن الصلاة ثم أتى على قوم على اقبالهم رقاع وعلى أدبارهم رقاع... يسرحون كما تسرح الإبل والغنم ويأكلون الضريع والزقوم ورضف جهنم وحجارتها، قال : ما هؤلاء يا جبريل... !؟ قال : هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم وما ظلمهم الله شيئاً ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج في قدر ولحم آخر نيء خبيث، فجعلوا يأكلون من النيء الخبيث ويتركون النضيج الطيب. قلت : ما هؤلاء يا جبريل!؟ قال : هذا الرجل من أمتك... تكون عنده المرأة الحلال فيأتي امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالاً طيباً فتأتي رجلاً خبيثاً تبيت معه حتى تصبح ثم أتى على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته، قال : ما هذا يا جبريل... !!؟ قال : هذا مثل أقوام من أمتك... يقعدون على الطريق فيقطعونه. ثم أتى على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها، فقال : ما هذا يا جبريل؟ قال : هذا الرجل من أمتك يكون عليه أمانات الناس لا يقدر على أدائها وهو يريد أن يحمل عليها ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم بمقاريض من نار... كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء، قال : ما هؤلاء يا جبريل... !؟ قال : هؤلاء خطباء الفتنة. ثم أتى على حجر صغير يخرج منه ثور عظيم، فجعل الثور يريد أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع. قال : ما هذا يا جبريل؟ قال : هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ثم يندم عليها فلا يستطيع أن يردها. ثم أتى على واد فوجد ريحاً طيبة باردة وريح مسك، وسمع صوتاً فقال : يا جبريل، ما هذا؟ قال : هذا صوت الجنة... تقول : يا رب، ائتني بما وعدتني فقد كثرت غرفي واستبرقي وحريري وسندسي وعبقري ولؤلؤي ومرجاني وفضتي وذهبي واكوابي وصحافي وأباريقي ومراكبي وعسلي ومائي ولبني وخمري، فائتني ما وعدتني، فقال : لك كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة.


الصفحة التالية
Icon