قالوا : لا نطاوعك في هذا أبداً. قال أبو سفيان : والله ما يمنعني من أن أقول عليه قولاً أسقطه من عينه إلا أني أكره أن أكذب عنده كذبة يأخذها علي، ولا يصدقني حتى ذكرت قوله ليلة أسري به. قلت : أيها الملك، أنا أخبرك عنه خبراً تعرف أنه قد كذب. قال : وما هو؟ قلت : إنه يزعم لنا أنه خرج من أرضنا أرض الحرم في ليلة فجاء مسجدكم هذا مسجد إيليا، ورجع إلينا في تلك الليلة قبل الصباح قال : وبطريق إيليا عند رأس قيصر. قال البطريق : قد علمت تلك الليلة. فنظر إليه قيصر فقال ما علمك بهذا؟ قال : إني كنت لا أبيت ليلة حتى أغلق أبواب المسجد، فلما كانت تلك الليلة أغلقت الأبواب كلها غير باب واحد غلبني، فاستعنت عليه عمالي ومن يحضرني كلهم، فعالجته فلم نستطع أن نحركه كأنما نزاول به جبلاً، فدعوت الناجرة، فنظروا إليه، فقالوا هذا باب سقط عليه التجاق والبنيان، فلا نستطيع أن نحركه حتى نصبح فننظر من اين أتى، فرجعت وتركته مفتوحاً فلما أصبحت غدوت، فإذا الحجر الذي من زاوية الباب مثقوب، وإذا فيه أثر مربط الدابة، فقلت لأصحابي ما حبس هذا الباب الليلة إلا على نبي، فقد صلى الليلة في مسجدنا، فقال قيصر : يا معشر الروم، أليس تعلمون أن بين عيسى وبين الساعة نبي بشركم به عيسى عليه السلام؟ وهذا هو النبي الذي بشر به عيسى، فأجيبوه إلى ما دعا إليه، فلما رأى نفورهم قال : يا معشر الروم، دعاكم ملككم يختبركم كيف صلابتكم في دينكم، فشتمتموه وسببتموه وهو بين أظهركم فخروا له سجداً.
وأخرج الواسطي في فضائل بيت المقدس، عن كعب رضي الله عنه : أن النبي ﷺ ليلة أسري به، وقف البراق في الموقف الذي كان يقف فيه الأنبياء، ثم دخل من باب النبي، وجبريل عليه السلام أمامه، فأضاء له ضوء كما تضيء الشمس، ثم تقدم جبريل عليه السلام أمامه، حتى كان من شامي الصخرة، فأذن جبريل عليه السلام، ونزلت الملائكة عليهم السلام من السماء، وحشر الله لهم المرسلين عليهم السلام، فأقام الصلاة ثم تقدم جبريل عليه السلام، فصلى النبي ﷺ بالملائكة والمرسلين، ثم تقدم قدام ذلك إلى موضع، فوضع له مرقاة من ذهب ومرقاة من فضة وهو المعراج حتى عرج جبريل والنبي ﷺ إلى السماء.
وأخرج الواسطي من طريق أبي حذيفة مؤذن بيت المقدس، عن جدته أنها رأت صفية زوج النبي رضي الله عنها وكعباً رضي الله عنه يقول : لها يا أم المؤمنين، صلي ههنا، فإن النبي ﷺ صلى بالنبيين عليهم السلام حين أسري به ههنا، وأومأ أبو حذيفة بيده إلى القبلة القصوى في دبر الصخرة.


الصفحة التالية
Icon