قال لصاحب المنزل : ألا تخبرني عن أهل بلادك، قال : على الخبير سقطت، هم قوم فيهم كتاب فلا يقيمونه، وأنبياء فلا يطيعونهم، وهم متفرقون. قال بختنصر كالمتعجب منه : كتاب لا يقيمونه، وأنبياء لا يطيعونهم، وهم متفرقون! فكتبهن في ورقة وألقى في خرجيه وقال : ارتحلوا، فاقبلوا، حتى قدموا على الفرخان، فجعل يسأل كل رجل منهم، فجعل الرجل يقول : أتينا بلاد كذا ولها حصن كذا ولها نهر كذا قال : يا بختنصر، ما تقول؟ قال : قدمنا أرضاً على قوم لهم كتاب لا يقيمونه، وأنبياء لا يطيعونهم، وهم متفرقون، فأمر حينئذ، فندب الناس وبعث إليهم سبعين ألفاً، وأمر عليهم بختنصر، فساروا حتى إذا علوا في الأرض أدركهم البريد : إن الفرخان قد مات ولم يستخلف أحداً. قال للناس : مكانكم. ثم أقبل على البريد حتى قدم على الناس وقال : كيف صنعتم؟ قالوا : كرهنا أن نقطع أمراً دونك. قال : إن الناس قد بايعوني. فبايعوه، ثم استخلف عليهم وكتب بينهم كتاباً، ثم انطلق بهم سريعاً حتى قدم على أصحابه، فأراهم الكتاب، فبايعوه وقالوا : ما بنا رغبة عنك. فساروا، فلما سمع أهل بيت المقدس تفرقوا وطاروا تحت كل كوكب، فشعث ما هناك، أي أفسد، وقتل من قتل وخرب بيت المقدس، واستبى أبناء الأنبياء فيهم دانيال. فسمع به صاحب الدنانير فأتاه فقال : هل تعرفني؟ قال : نعم. فأدنى مجلسه ولم يشفعه في شيء، حتى إذا نزل بابل لا ترد له راية. فكان كذلك ما شاء الله، ثم إنه رأى رؤيا فأفظعته، فأصبح قد نسيها. قال : عليّ بالسحرة والكهنة. قال : أخبروني عن رؤيا رأيتها الليلة، والله لتخبرني بها، أو لأقتلنكم. قالوا : ما هي؟ قال : قد نسيتها قالوا : ما عندنا من هذا علم، إلا أن ترسل إلى أبناء الأنبياء. فأرسل إلى أبناء الأنبياء. قال : أخبروني عن رؤيا رأيتها الليلة، والله لتخبرني بها أو لأقتلنكم. قالوا : ما هي؟ قال : قد نسيتها. قالوا غيب ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى. قال والله لتخبرني بها، أو لأضربن أعناقكم. قالوا : فدعنا حتى نتوضأ ونصلي وندعو الله تعالى. قال : فافعلوا. فانطلقوا فأحسنوا الوضوء، فأتوا صعيداً طيباً فدعوا الله، فأخبروا بها، ثم رجعوا إليه فقالوا : رأيت كأن رأسك من ذهب، وصدرك من فخار، ووسطك من نحاس، ورجليك من حديد. قال : نعم. قال : أخبروني بعبارتها أو لأقتلنكم. قالوا : فدعنا ندعو ربنا. قال اذهبوا، فدعوا ربهم فاستجاب لهم، فرجعوا إليه قالوا : رأيت كأن رأسك من ذهب، ملكك هذا يذهب عند رأس الحول من هذه الليلة.


الصفحة التالية
Icon