.. فاستحيا فذهب، فرجع مرة أخرى فسبه وانتهره فلم يلتفت حتى دخل - ودخلت معه المرأة، فباتا في الحمام جميعاً فماتا فيه. فأتى الملك فقيل له : قتل ابنك صاحب الحمام. فالتمس فلم يقدر عليه وهرب من كان يصحبه، فسموا الفتية. فالتمسوا فخرجوا من المدينة فمروا بصاحب لهم في زرع له وهو على مثل أمرهم، فذكروا له أنهم التمسوا فانطلق معه ومعه كلب حتى آواهم الليل إلى الكهف فدخلوا فيه، فقالوا : نبيت ههنا الليلة حتى نصبح إن شاء الله ثم تروا رأيكم. فضرب على آذانهم، فخرج الملك بأصحابه يبتغونهم حتى وجدوهم قد دخلوا الكهف، فكلما أراد الرجل منهم أن يدخل أرعب فلم يطق أحد أن يدخله، فقال له قائل : ألست قلت : لو قدرت عليهم قتلتهم؟ قال : بلى. قال : فابن عليهم باب الكهف ودعهم يموتوا عطشاً وجوعاً. ففعل. ثم صبروا زماناً، ثم إن راعي غنم أدركه المطر عند الكهف فقال : لو فتحت هذا الكهف وأدخلت غنمي من المطر، فلم يزل يعالجه حتى فتح لغنمه فادخلها فيه، ورد الله أرواحهم في أجسادهم من الغد حين أصبحوا فبعثوا أحدهم بورق ليشتري لهم طعاماً، فكلما أتى باب مدينتهم لا يرى أحد من ورقهم شيئاً إلا استنكرها، حتى جاء رجلاً فقال : بعني بهذه الدراهم طعاماً. فقال : ومن أين لك هذه الدراهم؟ قال : إني رحت وأصحابي أمس فأتى الليل ثم أصبحنا فأرسلوني. قال : فهذه الدراهم كانت على عهد ملك فلان!... فأنى لك هذه الدراهم؟!!... فرفعه إلى الملك - وكان رجلاً صالحاً - فقال : ومن أين لك هذا الورق؟ قال : خرجت أنا وأصحابي أمس حتى إذا أدركنا الليل في كهف كذا وكذا، ثم أمروني أن اشتري لهم طعاماً. قال : وأين أصحابك؟ قال : في الكهف. فانطلق معه حتى أتوا باب الكهف فقال : دعوني أدخل إلى أصحابي قبلكم. فلما رأوه ودنا منهم، ضرب على أذنه وآذانهم فأرادوا أن يدخلوا فجعل كلما دخل رجل منهم رعب، فلم يقدروا أن يدخلوا إليهم، فبنوا عندهم مسجداً يصلون فيه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ :« أصحاب الكهف أعوان المهدي ».


الصفحة التالية
Icon