قال الفتى لموسى :﴿ أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ﴾.
قال : فسمعنا عن ابن عباس أنه حدث عن رجال من علماء أهل الكتاب، أن موسى دعا ربه فسأله ومعه ماء عذب في سقاء، فصب من ذلك الماء في البحر وانصب على أثره فصار حجراً أبيض أجوف، فأخذ فيه حتى انتهى إلى الصخرة التي أراد فصعدها وهو متشوف : هل يرى ذلك الرجل؟ حتى كاد يسيء الظن، ثم رآه فقال : السلام عليك يا خضر. قال : عليك السلام يا موسى. قال : من حدثك أني أنا موسى... !؟ قال : حدثني الذي حدثك أني أنا الخضر. قال : إني أريد أن أصحبك ﴿ على أن تعلمني مما علمت رشداً ﴾ وأنه تقدم إليه فنصحه فقال :﴿ إنك لن تستطيع معي صبراً وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً ﴾ وذلك بأن أحدهم لو رأى شيئا لم يكن رآه قط ولم يكن شهده ما كان يصبر حتى يسأل ما هذا، فلما أبى عليه موسى إلا أن يصحبه ﴿ قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً ﴾ إن عجلت عليّ في ثلاث فذلك حين أفارقك.
فهم قيام ينظرون إذ مرت سفينة ذاهبة إلى أبلة، فناداهم خضر : يا أصحاب السفينة، هلم إلينا فاحملونا في سفينتكم، وإن أصحاب السفينة قالوا لصاحبهم : إنا نرى رجالاً في مكان مخوف إنما يكون هؤلاء لصوصاً فلا تحملهم. فقال صاحب السفينة : إني أرى رجالاً على وجوههم النور، لأحملنهم. فقال الخضر : بكم حملت هؤلاء؟ كل رجل حملت في سفينتك فلك لكل رجل منا الضعف. فحملهم فساروا حتى إذا شارفوا على الأرض - وقد أمر صاحب القرية : إن أبصرتم كل سفينة صالحة ليس بها عيب فائتوني بها - وإن الخضر أمر أن يجعل فيها عيباً لكي لا يسخروها فخرقها فنبع فيها الماء، وإن موسى امتلأ غضباً ﴿ قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمراً ﴾ وإن موسى عليه السلام شد عليه ثيابه وأراد أن يقذف الخضر في البحر، فقال : أردت هلاكهم فتعلّم أنك أول هالك : فجعل موسى كلما ازداد غضباً استقر البحر، وكلما سكن كان البحر كالدهر، وإن يوشع بن نون قال لموسى عليه السلام : ألا تذكر العهد والميثاق الذي جعلت على نفسك؟ وإن الخضر أقبل عليه ﴿ قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً ﴾ وإن موسى أدركه عند ذلك الحلم فقال :﴿ لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسراً ﴾ فلما انتهوا إلى القرية قال خضر : ما خلصوا إليكم حتى خشوا الغرق، وأن الخضر أقبل على صاحب السفينة فقال : إنما أردت الذي هو خير لك، فحمدوا رأيه في آخر الحديث وأصلحها الله كما كانت.