قال : وضرب الله مثل الكافر ﴿ كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ﴾ يقول : ليس لها أصل ولا فرع، وليست لها ثمرة وليست فيها منفعة. كذلك الكافر، ليس يعمل خيراً ولا يقوله، ولم يجعل الله تعالى فيه بركة ولا منفعة له.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الربيع بن أنس - رضي الله عنه - قال : إن الله جعل طاعته نوراً، ومعصيته ظلمة. إن الإِيمان في الدنيا هو النور يوم القيامة، ثم إنه لا خير في قول ولا عمل ليس له أصل ولا فرع، وإنه قد ضرب مثل الإِيمان فقال :﴿ ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة... ﴾ إلى قوله ﴿ وفرعها في السماء ﴾ وإنما هي الأمثال في الإِيمان والكفر. فذكر أن العبد المؤمن المخلص، هو الشجرة. إنما ثبت أصله في الأرض وبلغ فرعه في السماء. إن الأصل الثابت، الاخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له، ثم إن الفرع، هي الحسنة. ثم يصعد عمله أول النهار وآخره، فهي ﴿ تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ﴾ ثم هي أربعة أعمال إذا جمعها العبد : الاخلاص لله وحده، وعبادته لا شريك له، وخشيته وحبه وذكره. إذا جمع ذلك فلا تضره الفتن.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة - رضي الله عنه - أن رجلاً قال :« يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور. فقال : أرأيت لو عمد إلى متاع الدنيا، فركب بعضها إلى بعض، أكان يبلغ السماء؟... أفلا أخبرك بعمل أصله في الأرض وفرعه في السماء؟ تقول : لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله عشر مرات في دبر كل صلاة. فذلك أصله في الأرض وفرعه في السماء ».
وأخرج الترمذي النسائي والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه، وابن مردويه، عن أنس - رضي الله عنه - قال : أتى رسول الله ﷺ بقناع من بسر، فقال :« ﴿ مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة... ﴾ حتى بلغ ﴿ تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ﴾ قال : هي النخلة ﴿ ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة... ﴾ حتى بلغ ﴿ ما لها من قرار ﴾ قال : هي الحنظلة ».
وأخرج عبد الرزاق والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والرامهرمزي في الأمثال، عن شعيب بن الحجاب - رضي الله عنه - قال : كنا عند أنس فأتينا بطبق عليه رطب، فقال أنس - رضي الله عنه - لأبي العالية - رضي الله عنه - كل يا أبا العالية، فإن هذا من الشجرة التي ذكر الله في كتابه « ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة ثابت أصلها » قال : هكذا قرأها يومئذ أنس.


الصفحة التالية
Icon