قال : ومن هذا؟ قال : إدريس، فنظر في كتاب معه حتى مر باسمه، فقال : والله ما بقي من أجل إدريس شيء، فمحاه، فمات مكانه.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله :﴿ ورفعناه مكاناً علياً ﴾ قال : رفع إلى السماء السادسة فمات فيها.
وأخرج الترمذي وصححه وابن المنذر وابن مردويه، عن قتادة في قوله :﴿ ورفعناه مكاناً علياً ﴾ قال : حدثنا أنس بن مالك، أن نبي الله ﷺ قال :« لما عرج بي رأيت إدريس في السماء الرابعة ».
وأخرج ابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي ﷺ ﴿ ورفعناه مكاناً علياً ﴾ قال : في السماء الرابعة.
وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد رضي الله عنه، والربيع مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في الآية قال : رفع إدريس كما رفع عيسى ولم يمت.
وأخرج ابن أبي حاتم بسند حسن، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إدريس هو إلياس.
وأخرج ابن المنذر، عن عمر مولى غفرة يرفع الحديث إلى النبي - ﷺ - قال :« إن إدريس كان نبياً تقياً زكياً، وكان يقسم دهره على نصفين : ثلاثة أيام يعلم الناس الخير، وأربعة أيام يسيح في الأرض، ويعبد الله مجتهداً. وكان يصعد من عمله وحده إلى السماء من الخير مثل ما يصعد من جميع أعمال بني آدم، وإن ملك الموت أحبه في الله، فأتاه حين خرج للسياحة فقال له : يا نبي الله، إني أريد أن تأذن لي في صحبتك. فقال له إدريس - وهو لا يعرفه - إنك لن تقوى على صحبتي. قال : بلى، إني أرجو أن يقويني الله على ذلك، فخرج معه يومه ذلك حتى إذا كان من آخر النهار مر براعي غنم، فقال ملك الموت لإدريس : يا نبي الله، إنا لا ندري حيث نمسي، فلو أخذنا جفرة من هذه الغنم فأفطرنا عليها؟ فقال له إدريس : لا تعد إلى مثل هذا، تدعوني إلى أخذ ما ليس لنا، من حيث نمسي يأتي الله برزق! فلما أمسى أتاه الله بالرزق الذي كان يأتيه، فقال لملك الموت : تقدم فكل. فقال ملك الموت : لا والذي أكرمك بالنبوة ما أشتهي. فأكل إدريس وقاما جميعاً إلى الصلاة، ففتر إدريس وكل ومل ونعس، وملك الموت لا يفتر ولا يمل ولا ينعس، فعجب منه وقال : قد كنت أظن أني أقوى الناس على العبادة فهذا أقوى مني! فصغرت عنده عبادته عندما رأى منه. ثم أصبحا فساحاً، فلما كان آخر النهار مرا بحديقة عنب فقال ملك الموت لإدريس : يا نبي الله، لو أخذنا قطفاً من هذا العنب لأنا لا ندري حيث نمسي.


الصفحة التالية
Icon