وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ لعمر رضي الله عنه :« كيف أنت إذا رأيت منكراً ونكيراً؟ قال : وما منكر ونكير؟! قال : فتّانا القبر، أصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف، يطآن في أشعارهما ويحفران بأنيابهما... معهما عصاً من حديد، لو اجتمع عليها أهل منى لم يقلوها
»
. « وأخرج البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول :» إنه قد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور، فيقال ما علمكم بهذا الرجل؟ فاما المؤمن أو الموقن، فيقول : هو محمد رسول الله، جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا واتبعنا. فيقال له : قد علمنا إن كنت لمؤمناً، ثم صالحاً.
وأما المنافق أو المرتاب، فيقول : لا أدري... سمعت الناس يقولون شيئاً فقلت «.
وأخرج أحمد عن أسماء رضي الله عنها، عن النبي ﷺ قال »
إذا ادخل الإِنساء قبره، فإن كان مؤمناً أحف به عمله : الصلاة والصيام. فيأتيه الملك من نحو الصلاة فترده، ومن نحو الصيام فيرده فيناديه : اجلس. فيجلس، فيقول له : ما تقول في هذا الرجل؟ يعني النبي ﷺ - قال من؟ قال محمد، قال أشهد أنه رسول الله. فيقول : وما يدريك... ؟ أدركته؟ قال : أشهد أنه رسول الله. فيقول : على ذلك عشت وعليه مت وعليه تبعث.
وإن كان فاجراً أو كافراً، جاءه الملك وليس بينه وبينه شيء يرده، فأجلسه وقال : ما تقول في هذا الرجل؟ قال : أي رجل؟ قال : محمد. فيقول : والله ما أدري... سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته. فيقول له الملك : على ذلك عشت وعليه مت وعليه تبعث. ويسلط عليه دابة في قبره معها سوط ثمرته جمرة مثل عرف البعير، يضربه ما شاء الله... لا تسمع صوته فترحمه «.
وأخرج أحمد والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت :»
جاءت يهودية فاستطعمت على بابي، فقالت : أطعموني أعاذكم الله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر، فلم أزل أحبسها حتى أتى رسول الله ﷺ. فقلت : يا رسول الله، ما تقول هذه اليهودية... !؟ قال : وما تقول؟ قلت : تقول أعاذكم الله من فتنة الدجال، ومن فتنة عذاب القبر. فقام رسول الله ﷺ، فرفع يديه مدّاً يستعيذ بالله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر، ثم قال : أما فتنة الدجال، فإنه لم يكن نبي إلا قد حذر أمته، وسأحذركموه بحديث لم يحدثه نبي أمته، إنه أعور والله ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مؤمن.
وأما فتنة القبر، فبي تفتنون وعني تُسْألون، فإذا كان الرجل الصالح أجلس في قبره غير فزع ولا مشغوف، ثم يقال له : فيم كنت؟ فيقول : في الإِسلام، فيقال : ما هذا الرجل الذي كان فيكم؟ فيقول : محمد رسول الله، جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه. فيفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً، فيقال له : انظر إلى ما وقاك الله. ثم يفرج له فرجة إلى الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال : هذا مقعدك منها. ويقال : على اليقين كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله.
وإذا كان الرجل السوء، جلس في قبره فزعاً مشغوفاً، فيقال له : فيم كنت؟ فيقول : لا أدري. فيقال : ما هذا الرجل الذي كان فيكم؟ فيقول : سمعت الناس يقولون قولاً فقلت كما قالوا، فيفرج له فرجة قبل الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال انظر إلى ما صرف الله عنك، ثم يفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً، ويقال : هذا مقعدك منها على الشك كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله «.


الصفحة التالية
Icon