فعلق يتلوها، فنزل جبريل فنسخها، ثم قال :﴿ وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ﴾ إلى قوله ﴿ حكيم ﴾.
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس ومن طريق أبي بكر الهذلي، وأيوب عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه، ومن طريق سليمان التيمي، عمن حدثه، عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قرأ سورة النجم وهو بمكة، فأتى على هذه الآية ﴿ أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ﴾ فألقى الشيطان على لسانه : إنهن الغرانيق العلى. فأنزل الله ﴿ وما أرسلنا من قبلك ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طريق يونس، عن ابن شهاب حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث :« أن رسول الله ﷺ وهو بمكة قرأ سورة النجم، فلما بلغ ﴿ أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ﴾ قال : إن شفاعتهن ترتجى، وسها رسول الله - ﷺ - ففرح المشركون بذلك فقال :» إلا إنما كان ذلك من الشيطان « فأنزل الله ﴿ وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ﴾ حتى بلغ ﴿ عذاب يوم عقيم ﴾ » مرسل صحيح الإسناد.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قال : لما أنزلت سورة النجم، وكان المشركون يقولون : لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقررناه وأصحابه، ولكن لا يذكر من خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر آلهتنا من الشتم والشر. وكان رسول الله - ﷺ - قد اشتد عليه ما ناله وأصحابه من أذاهم وتكذيبهم، وأحزنته ضلالتهم، فكان يتمنى كف أذاهم، فلما أنزل الله سورة النجم قال :﴿ أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ﴾ القى الشيطان عندها كلمات، حين ذكر الطواغيت، فقال : وانهن لهن الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لهي التي ترتجى. فكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته، فوقعت هاتان الكلمتان في قلب مشرك بمكة، وذلقت بها ألسنتهم، وتباشروا بها وقالوا : إن محمداً قد رجع إلى دينه الأوّل، ودين قومه. فلما بلغ رسول الله - ﷺ - آخر النجم سجد وسجد كل من حضر من مسلم ومشرك، ففشت تلك الكلمة في الناس، وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة. فأنزل الله ﴿ وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ﴾. فلما بيَّن الله قضاءه وبرأه من سجع الشيطان، انقلب المشركون بضلالتهم وعداوتهم للمسلمين، واشتدوا عليه.
وأخرجه البيهقي في الدلائل، عن موسى بن عقبة، ولم يذكر ابن شهاب.