قلت : وقد علم به أبي؟ قالت : نعم. قلت : ورسول الله ﷺ ؟ قالت : نعم. فاستعبرت، وبكيت، فسمع أبو بكر صوتي وهو فوق بيت يقرأ، فنزل فقال لأمي : ما شأنها؟ قالت : بلغها الذي ذكر من شأنها ففاضت عيناه فقال : أقسمت عليك أي بنية إلا رجعت إلى بيتك، فرجعت.
ولقد جاء رسول الله ﷺ بيتي فسأل عني خادمي فقالت : لا والله ما علمت عليها عيباً إلا أنها كانت ترقد حتى تدخل الشاة، فتأكل خميرها أو عجينها، وانتهرها بعض أصحابه فقال : اصدقي رسول الله ﷺ حتى أسقطوا لهابه فقالت - سبحان الله - ما علمت عليها إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الأحمر، فبلغ إلى ذلك الرجل الذي قيل له فقال - سبحان الله - والله ما كشفت كنف أنثى قط قالت : فقتل شهيداً في سبيل الله قالت : وأصبح أبواي عندي فلم يزالا حتى دخل عليّ رسول الله ﷺ وقد صلى العصر، ثم دخل وقد اكتنفني أبواي عن يميني وشمالي، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :« أما بعد يا عائشة ان كنت قارفت سوءاً، أو ظلمت، فتوبي إلى الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده ».
قالت : وقد جاءت إمرأة من الأنصار فهي جالسة بالباب فقلت : ألا تستحي من هذه المرأة أن تذكر شيئاً، فوعظ رسول الله ﷺ فالتفت إلى أبي فقلت : أجبه قال : ماذا أقول؟ فالتفت إلى أمي فقلت : أجيبيه قالت : أقول ماذا؟ فلما لم يجيباه تشهدت، فحمدت الله وأثنيت عليه، ثم قلت : أما بعد - فوالله - لئن قلت لكم أني لم أفعل - والله يشهد أني لصادقة - ما ذاك بنافعي عندكم، وقد تكلمتم به وأشربته قلوبكم. وإن قلت : إني فعلت - والله يعلم أني لم أفعل - لتقولن قد باءت به على نفسها وأني - والله - لا أجد لي ولكم مثلاً. والتمست اسم يعقوب فلم أقدر عليه إلا أبا يوسف حين قال ﴿ فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ﴾ [ يوسف : ١٨ ].
وأنزل على رسول الله ﷺ من ساعته فسكتنا، فرفع عنه. وإني لأتبين السرور في وجهه وهو يمسح جبينه ويقول :« ابشري يا عائشة فقد أنزل الله براءتك » قالت : وقد كنت أشد مما كنت غضباً فقال لي أبواي : قومي إليه فقلت : والله لا أقوم إليه ولا أحمده، ولكن أحمد الله الذي أنزل براءتي. لقد سمعتموه فما أنكرتموه ولا غيرتموه، وكانت عائشة تقول : أما زينب بنت جحش فعصمها الله بدينها، فلم تقل إلا خيراً، وأما أختها حمنة، فهلكت فيمن هلك، وكان الذي تكلم فيها مسطح، وحسان بن ثابت، والمنافق عبدالله بن أبي، وهو الذي كان يستوشيه ويجمعه، وهو الذي كان تولى كبره منهم، هو وحمنة قالت : فحلف أبو بكر أن لا ينفع مسطحاً بنافعة أبداً، فأنزل الله


الصفحة التالية
Icon