﴿ ولا يأتل أولوا الفضل منكم ﴾ [ النور : ٢٢ ].. إلى آخر الآية. يعني أبا بكر. ﴿ والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين ﴾ يعني مسطحاً. إلى قوله ﴿ ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ﴾ قال أبو بكر : بلى والله إنا نحب أن يغفر الله لنا، وعاد له كما كان يصنع.
وأخرج أحمد والبخاري وسعيد بن منصور وابن منذر وابن مردويه عن أم رومان قالت : بينا أنا عند عائشة، إذا دخلت عليها امرأة فقالت : فعل الله بابنها وفعل فقالت عائشة : ولم؟ قالت : إنه كان فيمن حدث الحديث قالت عائشة : وأي حديث؟ قالت : كذا وكذا قلت : وقد بلغ ذاك رسول الله ﷺ ؟ قالت : نعم.. قلت : وأبا بكر؟ قالت : نعم.. فخرت عائشة مغشياً عليها، فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض، فقمت فزبرتها، وجاء النبي ﷺ فقال : ما شأن هذه؟ قلت : يا رسول الله أخذتها حمى بنافض قال : فلعله من حديث تحدث به.
قالت واستوت عائشة قاعدة فقالت : والله لئن حلفت لا تصدقوني. ولئن اعتذرت إليكم لا تعذروني، فمثلى ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه، ﴿ والله المستعان على ما تصفون ﴾ وخرج رسول الله ﷺ، فأنزل الله عذرها، فرجع رسول الله ﷺ معه أبو بكر فدخل فقال : يا عائشة إن الله قد أنزل عذرك فقالت : بحمد الله لا بحمدك فقال لها أبو بكر : أتقولين هذا لرسول الله ﷺ ؟! قالت نعم..
قالت : وكان فيمن حدث الحديث رجل كان يعوله أبو بكر، فحلف أبو بكر أن لا يصلح، فأنزل الله ﴿ ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة.. ﴾ إلى آخر الآية قال أبو بكر : بلى.. فوصله.
وأخرج البزار وابن مردويه بسند حسن عن أبي هريرة قال : كان رسول الله ﷺ إذا اراد سفراً أقرع بين نسائه، فأصاب عائشة القرعة في غزوة بني المصطلق، فلما كان في جوف الليل انطلقت عائشة لحاجة فانحلت قلادتها، فذهبت في طلبها، وكان مسطح يتيماً لأبي بكر وفي عياله، فلما رجعت عائشة لم تَرَ العسكر، وكان صفوان بن المعطل السلمي يتخلف عن الناس، فيصيب القدح والجراب والاداوة فيحمله، فنظر فإذا عائشة، فغطى وجهه عنها ثم أدنى بعيره منها، فانتهى إلى العسكر فقالوا قولاً؛ وقالوا فيه قال : ثم ذكر الحديث حتى انتهى، وكان رسول الله ﷺ يجيء، فيقوم على الباب فيقول :« كيف تيكم؟ » حتى جاء يوماً فقال : ابشري يا عائشة قد أنزل الله عذرك فقالت : بحمد الله لا بحمدك وأنزل في ذلك عشر آيات ﴿ إن الذين جاءوا بالإِفك عصبة منكم ﴾ فحد رسول الله ﷺ مسطحاً، وحمنة، وحسان.