وكان إذا رحل الناس قام يصلي ثم اتبعهم، فما سقط منهم من شيء حمله حتى يأتي به أصحابه قالت عائشة : فلما مر بي ظن أني رجل فقال : يا نومان قم فإن الناس قد مضوا فقلت : إني لست رجلاً، أنا عائشة قال : إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم أناخ بعيره، فعقل يديه، ثم ولى عني، فقال يا أمه : قومي فاركبي، فإذا ركبت فآذنيني قالت : فركبتُ، فجاء حتى خلَّ العقال ثم بعث جمله فأخذ بخطام الجمل قال عمر : فما كلمها كلاماً حتى أتى بها رسول الله ﷺ.
فقال عبدالله بن أبي ابن سلول للناس : فجربها ورب الكعبة. وأعانه على ذلك حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة، وشاع ذلك في العسكر، فبلغ ذلك النبي ﷺ، فكان في قلب النبي ﷺ مما قالوا حتى رجعوا إلى المدينة، وأشاع عبدالله بن أبي هذا الحديث في المدينة، واشتد ذلك على رسول الله ﷺ.
قالت عائشة : فدخلت ذات يوم أم مسطح، فرأتني وأنا أريد المذهب، فحملت معي السطل وفيه ماء، فوقع السطل منها فقالت : تعس مسطح قالت لها عائشة - سبحان الله - تسبين رجلاً من أهل بدر وهو ابنك؟ قالت لها أم مسطح : أنه سال بك السيل وأنت لا تدرين وأخبرتها بالخبر. قالت : فلما أخبرتني أخذتني الحمى بنافض مما كان، ولم أجد المذهب.
قالت عائشة : وقد كنت أرى من النبي ﷺ قبل ذلك جفوة، ولم أدر من أي شيء هو، فلما حدثتني أم مسطح علمت أن جفوة رسول الله ﷺ من ذاك، فلما دخل عليَّ قلت : تأذن لي أن أذهب إلى أهلي؟ قال : اذهبي، فخرجت عائشة حتى أتت أباها فقال لها : ما لك؟ قلت : اخرجني رسول الله ﷺ من بيته قال لها أبو بكر : فأخرجك رسول الله ﷺ من بيته وآويك أنا، والله لا آويك حتى يأمر رسول الله ﷺ، فأمره رسول الله ﷺ أن يؤويها فقال لها أبو بكر : والله ما قيل لنا هذا في الجاهلية قط فكيف وقد أعزنا الله بالإِسلام؟ فبكت عائشة، وأمها أم رومان، وأبو بكر، وعبد الرحمن، وبكى معهم أهل الدار.
وبلغ ذلك النبي ﷺ، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه فقال :« أيها الناس من يعذرني ممن يؤذيني » ؟ فقام إليه سعد بن معاذ، فسل سيفه وقال : يا رسول الله أنا أعذرك منه؟ إن يكن من الأوس أتيتك برأسه، وإن يكن من الخزرج أمرتنا بأمرك فيه، فقام سعد بن عبادة فقال : كذبت والله ما تقدر على قتله، إنما طبتنا بذحول كانت بيننا وبينكم في الجاهلية فقال هذا : يال الأوس وقال هذا : يال الخزرج.


الصفحة التالية
Icon