فاضطربوا بالنعال والحجارة فتلاطموا، فقام أسيد بن حضير فقال : فيم الكلام؟ هذا رسول الله يأمرنا بأمره فنفعله عن رغم أنف من رغم.
ونزل جبريل وهو على المنبر، فلما سري عنه، تلا عليهم ما نزل به جبريل ﴿ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا.. ﴾ [ الحجرات : ٩ ] إلى آخر الآيات فصاح الناس : رضينا بما أنزل الله وقام بعضهم إلى بعض، وتلازموا، وتصايحوا، فنزل النبي ﷺ عن المنبر.
وأبطأ الوحي في عائشة، فبعث النبي ﷺ إلى علي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد، وبريرة، وكان إذا أراد أن يستشير في أمر أهله لم يعد علياً، وأسامة بن زيد، بعد موت أبيه زيد فقال لعلي :« ما تقول في عائشة فقد أهمني ما قال الناس » ؟ قال : يا رسول الله قد قال الناس، وقد حل لك طلاقها، وقال لأسامة :« ما تقول أنت » ؟ قال - سبحان الله - ما يحل لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم. فقال لبريرة :« ما تقولين يا بريرة » ؟ قالت والله يا رسول الله ما علمت على أهلك إلا خيراً، إلا أنها امرأة نؤم تنام حتى تجيء الداجن، فتأكل عجينها وإن كان شيء من هذا ليخبرنك الله.
فخرج ﷺ حتى أتى منزل أبي بكر، فدخل عليها فقال :« يا عائشة إن كنت فعلت هذا الأمر فقولي لي حتى أستغفر الله لك » فقالت : والله لا أستغفر الله منه أبداً. إن كنت قد فعلته فلا غفر الله لي، وما أجد مثلي ومثلكم إلا مثل أبي يوسف، اذهب اسم يعقوب من الأسف قال ﴿ إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ﴾ [ يوسف : ٨٦ ].
فبينا رسول الله ﷺ يكلمها إذ نزل جبريل بالوحي، فأخذت النبي ﷺ نعسة، فسري وهو يبتسم فقال :« يا عائشة إن الله قد أنزل عذرك » فقالت : بحمد الله لا بحمدك. فتلا عليها سورة النور إلى الموضع الذي انتهى إلى عذرها وبراءتها فقال رسول الله ﷺ :« قومي إلى البيت فقامت ».
وخرج رسول الله ﷺ إلى المسجد، فدعا أبا عبيدة بن الجراح، فجمع الناس، ثم تلا عليهم ما أنزل الله من البراءة لعائشة، وبعث إلى عبدالله بن أبي، فجيء به، فضربه النبي ﷺ حدين، وبعث إلى حسان، ومسطح، وحمنة، فضربوا ضرباً وجيعاً ووجيء في رقابهم قال ابن عمر : إنما ضرب رسول الله ﷺ عبدالله بن أبي حدين لأنه من قذف أزواج النبي ﷺ فعليه حدان.