فبعث أبو بكر إلى مسطح لا وصلتك بدرهم أبداً، ولا عطفت عليك بخير أبداً، ثم طرده أبو بكر وأخرجه من منزله. ونزل القرآن ﴿ ولا يأتل أولوا الفضل منكم ﴾ إلى آخر الآية. فقال أبو بكر : أما إذ نزل القرآن يأمرني فيك لأضاعفن لك.
وكانت امرأة عبدالله بن أبيّ منافقَةً معه، فنزل القرآن ﴿ الخبيثات ﴾ يعني امرأة عبدالله ﴿ للخبيثين ﴾ يعني عبدالله ﴿ والخبيثون للخبيثات ﴾ عبدالله وامرأته ﴿ والطيبات ﴾ يعني عائشة وأزواج النبي ﷺ ﴿ للطيبين ﴾ يعني النبي ﷺ.
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي اليسر الأنصاري أن النبي ﷺ قال لعائشة : يا عائشة قد أنزل الله عذرك قالت : بحمد الله لا بحمدك. فخرج رسول الله ﷺ من عند عائشة، فبعث إلى عبدالله بن أبي، فضربه حدين، وبعث إلى مسطح، وحمنة، فضربهم.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس ﴿ إن الذين جاءُوا بالإِفك عصبة منكم ﴾ يريد أن الذين جاءوا بالكذب على عائشة أم المؤمنين أربعة منكم ﴿ لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم ﴾ يريد خيراً لرسول الله ﷺ، وبراءة لسيدة نساء المؤمنين، وخير لأبي بكر، وأم عائشة، وصفوان بن المعطل ﴿ لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإِثم والذي تولى كبره منهم ﴾ يريد إشاعته منهم يريد عبدالله بن أبي بن سلول ﴿ له عذاب عظيم ﴾ يريد في الدنيا جلده رسول الله ﷺ، وفي الآخرة مصيره إلى النار ﴿ لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين ﴾ وذلك أن رسول الله ﷺ استشار فيها بريرة وأزواج النبي ﷺ فقالوا : خير وقالوا : هذا كذب عظيم ﴿ لولا جاءُوا عليه بأربعة شهداء ﴾ لكانوا هم والذين شهدوا كاذبين ﴿ فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ﴾ يريد الكذب بعينه ﴿ ولولا فضل الله عليكم ورحمته ﴾ يريد ولولا ما من الله به عليكم وستركم ﴿ هذا بهتان عظيم ﴾ يريد البهتان الافتراء مثل قوله في مريم بهتاناً عظيماً ﴿ يعظكم الله أن تعودوا لمثله ﴾ يريد مسطحاً، وحمنة، وحسان ﴿ ويبين الله لكم الآيات ﴾ التي أنزلها في عائشة والبراءة لها ﴿ والله عليم ﴾ بما في قلوبكم من الندامة فيما خضتم به ﴿ حكيم ﴾ في القذف ثمانين جلدة ﴿ إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة ﴾ يريد بعد هذا ﴿ في الذين آمنوا ﴾ يريد المحصنين والمحصنات من المصدقين ﴿ لهم عذاب أليم ﴾ وجيع في الدنيا يريد الحد، وفي الآخرة العذاب في النار ﴿ والله يعلم وأنتم لا تعلمون ﴾ ما دخلتم فيه وما فيه من شدة العذاب وأنتم لا تعلمون شدة سخط الله على من فعل هذا.
﴿ ولولا فضل الله عليكم ﴾ يريد لولا ما تفضل الله به عليكم ﴿ ورحمته ﴾ يريد مسطحاً، وحمنة، وحسان ﴿ وإن الله رؤوف رحيم ﴾ يريد من الرحمة رؤوف بكم حيث ندمتم ورجعتم إلى الحق ﴿ يا أيها الذين آمنوا ﴾ يريد صدقوا بتوحيد الله ﴿ لا تتبعوا خطوات الشيطان ﴾ يريد الزلات ﴿ فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ﴾ يريد بالفحشاء عصيان الله، والمنكر كل ما يكره الله تعالى ﴿ ولولا فضل الله عليكم ورحمته ﴾ يريد ما تفضل الله به عليكم ورحمكم ﴿ ما زكى منكم من أحد أبداً ﴾ يريد ما قبل توبة أحد منكم أبداً ﴿ ولكن الله يزكي من يشاء ﴾ فقد شئت أن يتوب عليكم ﴿ والله سميع عليم ﴾ يريد سميع لقولكم عليم بما في أنفسكم من الندامة.


الصفحة التالية
Icon