﴿ والطيبون للطيبات ﴾ يريد رسول الله ﷺ طيبه الله لنفسه، وجعله سيد ولد آدم ﴿ والطيبات ﴾ يريد عائشة ﴿ أولئك مبرأون مما يقولون ﴾ يريد برأها الله من كذب عبدالله بن أبي ﴿ لهم مغفرة ﴾ يريد عصمة في الدنيا ﴿ ومغفرة ﴾ في الآخرة ﴿ ورزق كريم ﴾ يريد الجنة وثواب عظيم.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن سعيد بن جبير ﴿ إن الذين جاءوا بالإِفك ﴾ الكذب ﴿ عصبة منكم ﴾ يعني عبدالله بن أبي المنافق، وحسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، ﴿ لا تحسبوه شراً لكم ﴾ يقول لعائشة وصفوان : لا تحسبوا الذي قيل لكم من الكذب ﴿ شراً لكم بل هو خير لكم ﴾ لأنكم تؤجرون على ذلك ﴿ لكل امرئ منهم ﴾ يعني ممن خاض في أمر عائشة ﴿ ما اكتسب من الإِثم ﴾ على قدر ما خاض فيه من أمرها ﴿ والذي تولى كبره ﴾ يعني خطه منهم يعني القذفة وهو ابن أبي رأس المنافقين، وهو الذي قال : ما برئت منه، وما برىء منها ﴿ له عذاب عظيم ﴾ وفي هذه الآية عبرة عظيمة لجميع المسلمين إذا كانت فيهم خطيئة فمن أعان عليها بفعل، أو كلام، أو عرض لها، أو أعجبه ذلك، أو رضي، فهو في تلك الخطيئة على قدر ما كان منه، وإذا كان خطيئة بين المسلمين فمن شهد وكره فهو مثل الغائب، ومن غاب ورضي فهو مثل شاهد.
﴿ لولا إذ سمعتموه ﴾ قذف عائشة وصفوان ﴿ ظن المؤمنون والمؤمنات ﴾ لأن منهم حمنة بنت جحش هلا كذبتم به ﴿ بأنفسهم خيراً ﴾ هلا ظن بعضهم ببعض خيراً أنهم لم يزنوا ﴿ وقالوا هذا إِِفك مبين ﴾ الا قالوا هذا القذف كذب بين ﴿ لولا جاءوا عليه ﴾ يعني على القذف ﴿ بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك ﴾ يعني الذين قذفوا عائشة ﴿ عند الله هم الكاذبون ﴾ في قولهم ﴿ ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة ﴾ من تأخير العقوبة ﴿ لمسكم فيما أفضتم فيه ﴾ يعني فيما قلتم من القذف ﴿ عذاب عظيم، إذ تلقونه بألسنتكم ﴾ وذلك حين خاضوا في أمر عائشة فقال بعضهم : سمعت فلاناً يقول كذا وكذا وقال بعضهم : بل كان كذا وكذا فقال ﴿ تلقونه بألسنتكم ﴾ يقول : يرويه بعضكم عن بعض ﴿ وتقولون بأفواهكم ﴾ يعني بألسنتكم من قذفها ﴿ ما ليس لكم به علم ﴾ يعني من غير أن تعلموا أن الذي قلتم من القذف حق ﴿ وتحسبونه هيناً ﴾ تحسبون أن القذف ذنب هين ﴿ وهو عند الله عظيم ﴾ يعني من الزور ﴿ لولا إذ سمعتموه ﴾ يعني القذف ﴿ قلتم ما يكون ﴾ يعني ألا قلتم ما يكون ﴿ ما ينبغي لنا أن نتكلم بهذا ﴾ ولم تره أعيننا ﴿ سبحانك هذا بهتان عظيم ﴾ يعني ألا قلتم هذا كذب عظيم مثل ما قال سعد بن معاذ الأنصاري : وذلك أن سعداً لما سمع قول من قال في أمر عائشة قال ﴿ سبحانك هذا بهتان عظيم ﴾ والبهتان الذي يبهت فيقول ما لم يكن.