فقلت : لا. حدثني سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، كلهم سمع عائشة تقول : الذي تولى كبره عبد الله بن أبي قال : فقال لي فما كان جرمه؟ قلت : حدثني شيخان من قومك أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أنهما سمعا عائشة تقول : كان مسيئاً في أمري.
وقال يعقوب بن شبة في مسنده : حدثنا الحسن بن علي الحلواني، ثنا الشافعي، ثنا عمي قال : دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك فقال له : يا سليمان الذي تولى كبره من هو؟ قال : عبد الله بن أبي قال : كذبت وهو علي. قال أمير المؤمنين أعلم بما يقول فدخل الزهري فقال : يا ابن شهاب من الذي تولى كبره؟ فقال له : ابن أبي قال : كذبت. هو عليّ قال : أنا أكذب - لا أبا لك - لو نادى مناد من السماء أن الله أحل الكذب ما كذبت. حدثني عروة، وسعيد، وعبيد الله، وعلقمة، عن عائشة : أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن مسروق قال : دخل حسان بن ثابت على عائشة رضي الله عنها فشبب وقال :
حصان رزان ما تزن بريبة | وتصبح غرثي من لحوم الغوافل |
وأخرج ابن جرير من طريق الشعبي عن عائشة أنها قالت : ما سمعت بشيء أحسن من شعر حسان، وما تمثلت به إلا رجوت له الجنة. قوله لأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هشام :
هجوت محمداً وأجبت عنه | وعند الله في ذاك الجزاء |
فان أبي ووالده وعرضي | لعرض محمد منكم وقاء |
أتشتمه ولست له بكفء | فشركما لخير كما الفداء |
لساني صارم لا عيب فيه | وبحري لا تكدره الدلاء |
وأخرج محمد بن سعد عن محمد بن سيرين؛ أن عائشة كانت تأذن لحسان بن ثابت، وتدعو له بالوسادة وتقول : لا تؤذوا حسان فإنه كان ينصر رسول الله بلسانه وقال الله ﴿ والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ﴾ وقد عمي، والله قادر أن يجعل ذلك العذاب العظيم عماه.