وأخرج ابن مردويه، عن وهب بن مالك رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال :« إن الله لما وعد موسى أن يكلمه، خرج للوقت الذي وعده، فبينما هو يناجي ربه، إذ سمع خلفه صوتاً، فقال إلهي إني أسمع خلفي صوتاً، قال : لعل قومك ضلوا، قال : إلهي، من أضلهم؟ قال : السامري. قال : كيف أضلهم؟ قال : صاغ لهم ﴿ عجلاً جسداً له خوار ﴾ قال : إلهي هذا السامري صاغ لهم العجل : فمن نفخ فيه الروح حتى صار له خوار؟ قال : أنا يا موسى، قال : فبعزتك، ما أَضَلَّ قومي أحد غيرك. قال : صدقت. قال : يا حكيم الحكماء، لا ينبغي حكيم أن يكون أحكم منك ».
وأخرج ابن جرير في تهذيبه، عن راشد بن سعد قال : إن موسى لما قدم على ربه - واعد قومه أربعين ليلة - قال : يا موسى، إن قومك قد افتتنوا من بعدك. قال : يا رب كيف يفتنون؟ وقد نجيتهم من فرعون، ونجيتهم من البحر، وأنعمت عليهم، وفعلت بهم؟! قال : يا موسى إنهم اتخذوا من بعدك عجلاً له خوار قال : يا رب، فمن جعل فيه الروح؟ قال : أنا. قال : فأنت يا رب أضللتهم. قال : يا موسى، يا رأس النبيين، ويا أبا الحكام، إني رأيت ذلك في قلوبهم، فيسرته لهم.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن علي رضي الله عنه قال : لما تعجل موسى إلى ربه، عمد السامري فجمع ما قدر عليه من حلي بني إسرائيل فضربه عجلاً، ثم ألقى القبضة في جوفه، فإذا هو عجل جسد له خوار فقال لهم السامري :﴿ هذا إلهكم وإله موسى ﴾ فقال لهم هارون :﴿ يا قوم ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً ﴾ فلما أن رجع موسى أخذ رأس أخيه، فقال له هارون ما قال، فقال موسى للسامري :﴿ ما خطبك ﴾ فقال :﴿ قبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي ﴾ فعمد موسى إلى العجل، فوضع عليه المبارد فبرده وهو على شطر نهر، فما شرب أحد من ذلك الماء - ممن كان يعبد ذلك العجل - إلا اصفر وجهه مثل الذهب! فقالوا : يا موسى، ما توبتنا؟ قال : يقتل بعضكم بعضاً، فأخذوا السكاكين، فجعل الرجل يقتل أباه وأخاه وابنه، لا يبالي من قتل، حتى قتل منهم سبعون ألفاً! فأوحى الله إلى موسى : مرهم فليرفعوا أيديهم، فقد غفرت لمن قتل، وتبت على من بقي.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : لما هجم فرعون على البحر وأصحابه - وكان فرعون على فرس أدهم حصان، هاب الحصان أن يقتحم البحر، فمثل له جبريل على فرس أنثى، فلما رآها الحصان هجم خلفها، وعرف السامري جبريل - لأن أمه حين خافت أن يذبح خلفته في غار وأطبقت عليه - فكان جبريل يأتيه فيغذوه بأصابعه، في واحدة لبناً، وفي الأخرى عسلاً، وفي الأخرى سمناً، فلم يزل يغذوه حتى نشأ، فلما عاينه في البحر عرفه، فقبض قبضة من أثر فرسه.