فمن كان يحبه خرج على شاربيه الذهب، فذلك حين يقول :﴿ وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم ﴾ قال : فلما سقط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى ﴿ ورأوا أنهم قد ضلوا، قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين ﴾ فأبى الله أن يقبل توبة بني إسرائيل؛ إلا بالحال التي كرهوا أنهم كرهوا أن يقاتلوهم، حين عبدوا العجل ﴿ فقال موسى يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم، فاقتلوا أنفسكم ﴾ فاجتلد الذين عبدوه والذين لم يعبدوه بالسيوف، فكان من قتل من الفريقين شهيداً، حتى كثر القتل، حتى كادوا أن يهلكوا، حتى قتل منهم سبعون ألفاً، وحتى دعا موسى وهارون : ربنا هلكت بنو إسرائيل، ربنا البقية... البقية، فأمرهم أن يضعوا السلاح، وتاب عليهم، فكان من قتل منهم.... كان شهيداً، ومن بقي كان مكفراً عنه، فذلك قوله تعالى :﴿ فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم ﴾ ثم إن الله تعالى أمر موسى : أن يأتيه في ناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل، فوعدهم موعداً ﴿ فاختار موسى سبعين رجلاً ﴾ ثم ذهب ليعتذروا من عبادة العجل، فلما أتوا ذلك، قالوا :﴿ لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ﴾ فإنك قد كلمته فأرناه ﴿ فأخذتهم الصاعقة ﴾ فماتوا فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول : رب. ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم؟ ﴿ رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ﴾ فأوحى الله إلى موسى أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل. فذلك حين يقول موسى :﴿ إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء ﴾ الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ أفطال عليكم العهد ﴾ يقول : الوعد وفي قوله :﴿ فأخلفتم موعدي ﴾ يقول : عهدي وفي قوله :﴿ ما أخلفنا موعدك بملكنا ﴾ بأمر ملكنا ﴿ ولكنا حملنا أوزاراً ﴾ قال : أثقالاً من زينة القوم، وهي الحلي الذي استعاروه من آل فرعون ﴿ فقذفناها ﴾ قال : فألقيناها ﴿ فكذلك ألقى السامري ﴾ قال : كذلك صنع ﴿ فأخرج لهم عجلاً جسداً له خوار ﴾ قال : حفيف الريح فيه. فهو خواره، والعجل ولد البقرة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ بملكنا ﴾ قال : بأمرنا.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ ما أخلفنا موعدك بملكنا ﴾ قال : بطاقتنا.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه في قوله :﴿ بملكنا ﴾ قال : بسلطاننا.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر، عن يحيى أنه قرأ ﴿ بملكنا ﴾ وملكنا. واحد.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله :﴿ هذا إلهكم وإله موسى فنسي ﴾ قال : نسي موسى أن يذكر لكم : إن هذا إلهه!
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ فنسي ﴾ قال هم يقولونه، قومه : أخطأ الرب العجل ﴿ أفلا يرون أَلاَّ يرجع إليهم قولاً ﴾ قال : العجل ﴿ ولا يملك لهم ضراً ﴾ قال : ضلالة.


الصفحة التالية
Icon