فكذلك ميت الأحياء يمشي في الناس لا يدري ماذا له وماذا عليه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن اليهود قالوا لمحمد : كيف يخلص نور الله من دون السماء؟ فضرب الله مثل ذلك لنوره فقال ﴿ الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة ﴾ والمشكاة : كوة البيت. ﴿ فيها مصباح ﴾ وهو السراج يكون في الزجاجة. وهو مثل ضربه الله لطاعته، فسمى طاعته نوراً، ثم سماها أنواعاً شتى ﴿ لا شرقية ولا غربية ﴾ قال : هي وسط الشجرة لا تنالها الشمس إذا طلعت ولا إذا غربت وذلك لوجود الزيت ﴿ يكاد زيتها يضيء ﴾ يقول : بغير نار ﴿ نور على نور ﴾ يعني بذلك إيمان العبد وعمله ﴿ يهدي الله لنوره من يشاء ﴾ هو مثل المؤمن.
وأخرج الطبراني وابن عدي وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنه في قوله ﴿ كمشكاة فيها مصباح ﴾ قال : المشكاة : جوف محمد ﷺ. والزجاجة : قلبه. والمصباح : النور الذي في قلبه. ﴿ توقد من شجرة مباركة ﴾ الشجرة : إبراهيم. ﴿ زيتونة لا شرقية ولا غربية ﴾ لا يهودية ولا نصرانية ثم قرأ ﴿ ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين ﴾ [ آل عمران : ٦٧ ].
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن شمر بن عطية قال : جاء ابن عباس رضي الله عنهما إلى كعب الأحبار فقال : حدثني عن قول الله ﴿ الله نور السماوات والأرض مثل نوره ﴾ قال : مثل نور محمد ﷺ كمشكاة قال : المشكاة الكوة : ضربها مثلاً لفمه ﴿ فيها مصباح ﴾ والمصباح : قلبه. ﴿ في زجاجة ﴾ والزجاجة : صدره. ﴿ كأنها كوكب دري ﴾ شبه صدر محمد ﷺ بالكوكب الدري، ثم رجع إلى المصباح. إلى قلبه فقال : توقد من شجرة مباركة زيتونة يكاد زيتها يضيء قال : يكاد محمد ﷺ يبين للناس ولو لم يتكلم أنه نبي، كما يكاد ذلك الزيت أنه يضيء ولو لم تمسسه نار.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ الله نور السماوات والأرض ﴾ قال : الله هادي أهل السموات والأرض ﴿ مثل نوره ﴾ يا محمد في قلبك كمثل هذا المصباح في هذه المشكاة، فكما هذا المصباح في هذه المشكاة كذلك فؤادك في قلبك. وشبه قلب رسول الله ﷺ بالكوكب الدري الذي لا يخبو ﴿ توقد من شجرة مباركة زيتونة ﴾ تأخذ دينك عن إبراهيم عليه السلام. وهي الزيتونة ﴿ لا شرقية ولا غربية ﴾ ليس بنصراني فيصلي نحو المشرق، ولا يهودي فيصلي نحو المغرب ﴿ يكاد زيتها يضيء ﴾ فيقول : يكاد محمد ينطق بالحكمة قبل أن يوحى إليه بالنور الذي جعل الله في قلبه.


الصفحة التالية
Icon