فأوحى الله إليه : أن قل بعصاك هكذا وأومأ بيده يديرها على البحر. قال موسى بعصاه على الحيطان هكذا فصار فيها كوات ينظر بعضهم إلى بعض، فساروا حتى خرجوا من البحر.
فلما جاز آخر قوم موسى هجم فرعون على البحر هو وأصحابه، وكان فرعون على فرس أدهم حصان، فلما هجم على البحر هاب الحصان أن يقتحم في البحر، فتمثل له جبريل على فرس أنثى، فلما رآها الحصان اقتحم خلفها، وقيل لموسى ﴿ اترك البحر رهوا ﴾ [ الدخان : ٢٤ ] قال : طرقاً على حاله. ودخل فرعون وقومه في البحر، فلما دخل آخر قوم فرعون وجاز آخر قوم موسى أطبق البحر على فرعون وقومه فأغرقوا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن موسى حين أسرى ببني إسرائيل بلغ فرعون فأمر بشاة فذبحت، ثم قال : لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع إلي ستمائة ألف من القبط. فانطلق موسى حتى انتهى إلى البحر فقال له : انفرق. فقال له البحر : لقد استكثرت يا موسى وهل انفرقت لأحد من ولد آدم؟ ومع موسى رجل على حصان له فقال أين أمرت يا نبي الله بهؤلاء؟ قال : ما أمرت إلا بهذا الوجه. فاقتحم فرسه فسبح به ثم خرج فقال : أين أمرت يا نبي الله؟ قال : ما أمرت إلا بهذا الوجه. قال : ما كذبت ولا كذبت. فأوحى الله إلى موسى : أن اضرب بعصاك البحر، فضربه موسى بعصاه فانفلق فكان فيه اثنا عشر طريقاً، لكل سبط طريق يتراءون، فلما خرج أصحاب موسى وتتام أصحاب فرعون التقى البحر عليهم فأغرقهم.
وأخرج عبد بن حميد والفريابي وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن أبي موسى عن رسول الله ﷺ قال :« إن موسى لما أراد أن يسير ببني إسرائيل أضل الطريق فقال لبني إسرائيل : ما هذا؟ فقال له علماء بني إسرائيل : أن يوسف لما حضره الموت أخذ علينا موثقاً أن لا نخرج من مصر حتى ننقل تابوته معنا فقال لهم موسى : أيكم يدري أين قبره؟ فقالوا : ما يعلم أحد مكان قبره إلا عجوز لبني إسرائيل. فأرسل إليها موسى فقال : دلينا على قبر يوسف، فقالت : لا والله حتى تعطيني حكمي قال : وما حكمك؟ قالت : أن أكون معك في الجنة. فكأنه ثقل عليه ذلك فقيل له : اعطها حكمها. فانطلقت بهم إلى بحيرة مشقشقة ماء فقالت لهم : انضبوا عنها الماء ففعلوا قالت : احفروا. فحفروا فاستخرجوا قبر يوسف، فلما احتملوه إذا الطريق مثل ضوء النهار ».


الصفحة التالية
Icon