قال الذي عنده علم من الكتاب : أنا انظر في كتاب ربي ثم آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك. فنظر إليه سليمان فلما قطع كلامه، رد سليمان بصره، فنبع عرشها من تحت قدم سليمان. من تحت كرسي كان يضع عليه رجله، ثم يصعد إلى السرير، فلما رأى سليمان عرشها مستقراً عنده ﴿ قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر ﴾ إذ أتاني به قبل أن يرتد إليَّ طرفي ﴿ أم أكفر ﴾ إذ جعل من هو تحت يدي أقدر على المجيء مني، ثم ﴿ قال نكروا لها عرشها... ، فلما جاءت ﴾ تقدمت إلى سليمان ﴿ قيل لها أهكذا عرشك فقالت كأنه هو ﴾ ثم قالت : يا سليمان إني أريد أن أسألك عن شيء فأخبرني به قال : سلي. قالت : أخبرني عن ماء رواء لا من الأرض ولا من السماء.
قال : وكان إذا جاء سليمان شيء لا يعلمه يسأل الإِنس عنه، فإن كان عند الإِنس منه علم... وإلا سأل الجن، فإن لم يكن عند الجن علم سأل الشياطين، فقالت له الشياطين : ما أهون هذا يا رسول الله! مر بالخيل فتجري ثم لتملأ الآنية من عرقها فقال لها سليمان : عرق الخيل قالت : صدقت قالت : فأخبرني عن لون الرب قال ابن عباس : فوثب سليمان عن سريره فخر ساجداً فقامت عنه، وتفرقت عنه جنوده، وجاءه الرسول فقال : يا سليمان يقول لك ربك ما شأنك؟ قال : يا رب أنت أعلم بما قالت قال : فإن الله يأمرك أن تعود إلى سريرك فتقعد عليه، وترسل إليها وإلى من حضرها من جنودها، وترسل إلى جميع جنودك الذين حضروك فيدخلوا عليك، فتسألها وتسألهم عما سألتك عنه قال : ففعل سليمان ذلك. فلما دخلوا عليه جميعاً قال لها : عم سألتيني؟ قالت : سألتك عن ماء رواء لا من الأرض ولا من السماء قال : قلت لك عرق الخيل قالت : صدقت. قال : وعن أي شيء سألتيني؟ قالت : ما سألتك عن شيء إلا عن هذا قال لها سليمان : فلأي شيء خررت عن سريري؟! قالت : كان ذلك لشيء لا أدري ما هو. فسأل جنودها فقالوا : مثل قولها. فسأل جنوده من الإِنس، والجن، والطير، وكل شيء كان حضره من جنوده، فقالوا : ما سألتك يا رسول الله عن شيء إلا عن ماء رواء قال : وقد كان.
قال له الرسول : يقول الله لك : ارجع ثمة إلى مكانك فإني قد كفيتكم فقال سليمان للشياطين : ابنو لي صرحاً تدخل علي فيه بلقيس، فرجع الشياطين بعضهم إلى بعض فقالوا لسليمان : يا رسول الله قد سخر الله لك ما سخر، وبلقيس ملكة سبأ ينكحها فتلد له غلاماً فلا ننفك له من العبودية أبداً قال : وكانت امرأة شَعْرَاء الساقين فقالت الشياطين : ابنو له بنياناً كأنه الماء يرى ذلك منها فلا يتزوجها، فبنوا له صرحاً من قوارير، فجعلوا له طوابيق من قوارير، وجعلوا من باطن الطوابيق كل شيء يكون من الدواب في البحر.


الصفحة التالية
Icon